مضى أكثر من عام على الأوضاع غير المستقرة في سوريا أو بشكل أدق على الثورة ضد حكم الرئيس بشار الأسد، وقد حشدت المعارضة السورية كل ما لديها من إمكانات من أجل إسقاط النظام لكن هذا النظام ما زال صامدا وقويا، ونحن هنا لسنا بصدد الدفاع عن النظام السوري لكننا نحلل الوقائع على الأرض وأول هذه الوقائع أن الولايات المتحدة الأميركية هزمت هزيمة منكرة لأنها وضعت كل ثقلها لاستصدار قرار من مجلس الأمن يدين النظام السوري ويتخذ بحق هذا النظام بعض العقوبات الدولية والسبب بالطبع كما نعرف جميعا هو الموقف الروسي والموقف الصيني المؤيدين لسوريا واستعمالهما حق النقض الفيتو لإبطال قرار مجلس الأمن .
أما ثاني هذه الوقائع فهو أن المعارضة السورية لم تستطع تحقيق أي تقدم على الأرض أو تحتل متر أرض واحدا، والجيش السوري الحر هو عدة مئات من الجنود المنشقين وبعض الخارجين على القانون ومن يدعي أن هناك انشقاقات كبيرة في هذا الجيش لا يقول الحقيقة لأن عددا لا يتجاوز أصابع اليد من الضباط وعدة مئات من الجنود هم الذين انشقوا وليس لهم ثقل عسكري قياسا على جيش قوي مسلح بأحدث الأسلحة ويبلغ تعداده عشرات الآلاف وهذا الجيش استطاع التعامل مع كل المسلحين من مختلف الأطياف وقد حرر معظم المدن السورية التي كان يتواجد بها هؤلاء المسلحون .
وثالث هذه الوقائع أن النظام السوري ما زال نظاما متماسكا ويؤيده كل السوريين العاملين في الدولة ولم نسمع حتى الآن أن وزيرا أو سفيرا أو أي موظف قد انشق على هذا النظام باستثناء نائب وزير البترول الذي لا يمثل أي ثقل سياسي، بينما رأينا كيف انشق العشرات من الوزراء والسفراء وكبار القادة عن العقيد معمر القذافي وانضموا للثورة وفي اليمن أيضا انشق العشرات من كبار قادة الجيش وفرق عسكرية بأكملها وانضموا للثوار اليمنيين .
أما رابع هذه الوقائع فهي فشل المعارضة السورية الموجودة في الخارج في كل طروحاتها وهذه المعارضة منقسمة على نفسها وهي تمول من بعض الدول الخليجية ومن الولايات المتحدة الأميركية وتركيا وزعماء هذه المعارضة يجوبون دول العالم من أجل إقناع قادتها بضرورة تسليح المعارضة في الداخل ناسين أو متناسين أنه في حالة إرسال السلاح إلى داخل سوريا فإن النتيجة هي حرب أهلية لا تبقي ولا تذر ليكون الخاسر الوحيد هو الشعب السوري الذي سيدفع الثمن وكل ذلك من أجل الوصول إلى الحكم .
نحن هنا لا ندافع عن النظام السوري، فقد تكون له أخطاء وقد يكون هناك بطء بعملية الإصلاح السياسي لكن سقوط سوريا كما تريد الولايات المتحدة ومعها بعض الدول الأوروبية وبعض الدول الخليجية سيكون كارثيا على المنطقة بأجمعها فسوريا هي شوكة بحلق الولايات المتحدة بالتحديد وقد حاولت عدة مرات قبل اندلاع الأحداث أن تفرض عليها عقوبات اقتصادية وسياسية ووجهت لها عشرات التهم لكن كل هذه المحاولات باءت بالفشل وها هو النظام السوري يستعيد عافيته ويعتقد المحللون السياسيون أن الرئيس بشار الأسد سيسيطر على الأوضاع في بلاده في وقت قريب جدا .
إن الأزمة السورية لن تحل إلا بالحوار والمطلوب من المعارضة السورية في الداخل والخارج أن تجلس على طاولة الحوار مع ممثلين عن النظام السوري بحيث تطرح جميع القضايا الخلافية للنقاش حتى يصل الجميع إلى قاعدة متفق عليها تكون بداية لكل الصيغ المقترحة والقابلة للنقاش .
المراجع
جريدة الدستور
التصانيف
صحافة نزيه القسوس جريدة الدستور