كتبنا في هذه الزاوية أكثر من مرة عن الهدر في صرف الأدوية الذي يتم مع الأسف عن طريق معظم المراكز الصحية المنتشرة في المملكة وهذا الهدر يكلف خزينة الدولة مئات الملايين من الدنانير كل سنة فبعض المواطنين الذي يحتاجون إلى العلاج يراجعون أكثر من مركز صحي ويحصلون على كميات إضافية من الدواء الذي يحتاجونه والبعض الآخر كان يطلب من الطبيب أن يكتب وصفات طبية لجيرانه وأقربائه لأنهم لم يتمكنوا من الحضور إلى المركز وكان بعض الأطباء مع الأسف يتجاوبون مع هؤلاء المواطنين ويلبون رغباتهم.

وطالبنا أيضا في هذه الزاوية بحوسبة المراكز الصحية حتى تتم السيطرة على صرف الأدوية وبحيث يصل الدواء إلى مستحقيه لأنه بغير هذه الوسيلة لا يمكن وقف الهدر في صرف الأدوية وقد تجاوبت وزارة الصحة مشكورة مع هذه الطلبات المتكررة والتي هدفها حماية المال العام وقامت بحوسبة أحد المراكز الصحية الكبيرة والهامة والذي يراجعه مئات المواطنين يوميا وهو مركز عمان الصحي الشامل وربطته مع مستشفى الأمير حمزة وذلك لتجريب نظام الحوسبة الذي اعتمدته لهذه الغاية.

مركز عمان الصحي الشامل كان يعاني من ازدحام شديد جدا من المرضى المراجعين له يوميا وكان معظم المرضى يقضون بين ست إلى سبع ساعات في الانتظار حتى يحصلوا على أدويتهم وكان هذا الانتظار معاناة شديدة لهم خصوصا الكبار في السن.

قبل عدة أيام زرت هذا المركز وقد فوجئت بالعدد القليل من المراجعين المتواجدين فيه وعندما سألت عن السبب كان الجواب هو نظام الحوسبة الجديد فالمريض لا يتأخر أكثر من ساعة والازدحام انتهى إلى غير رجعة كما أن الموظفين الذين يعملون هناك من أطباء وصيادلة وفنيي مختبر أو أشعة بدأوا يتنفسون الصعداء بعد أن خف ضغط العمل عليهم.

أما أهم ميزات نظام الحوسبة الجديد فهو عدم تكرار الوصفات فالمريض الذي كان يراجع مستشفى حمزة ويحصل على الأدوية ثم يأتي إلى مركز صحي عمان الشامل لنفس الهدف أصبح اليوم غير قادر على ممارسة هذه العملية لأن اسمه سيظهر خلال ثوان على شاشة الكمبيوتر.

كذلك فقد ساعد هذا النظام على تزويد المريض بوصفات طبية لثلاثة أشهر بحيث يأتي إلى المركز كل شهر ولا يراجع الطبيب بل يذهب رأسا إلى قسم المحاسبة ليدفع ثمن الدواء ثم إلى الصيدلية لصرفه.

هذه التجربة الناجحة جدا في مركز عمان الصحي الشامل يجب أن تشجع وزارة الصحة على البدء بحوسبة باقي المراكز الصحية بحيث تربط جميعها في المستقبل مع بعضها البعض من أجل السيطرة على صرف الأدوية وحتى لا يقضي المريض كل يومه داخل المركز الصحي وهذا ما يوفر الوقت والجهد سواء على المرضى أو على الأطباء والصيادلة والفنيين وباقي الموظفين.

حوسبة مركز عمان الصحي الشامل خطوة مهمة جدا إلى الأمام نتمنى أن تتبعها خطوات أخرى لحوسبة باقي المراكز في المملكة.


المراجع

جريدة الدستور

التصانيف

صحافة   نزيه القسوس   جريدة الدستور