من حق كل مواطن مهما كانت إنتماءاته الحزبية أو إن لم يكن منتميا لأي حزب من الأحزاب أن يعبر عن رأيه بكل الأساليب الديمقراطية السلمية وذلك عن طريق التظاهر السلمي أو الاعتصام أو الإضراب أو أي شكل من أشكال التعبير الحضاري لكن ليس من حقه أن يخرب الممتلكات العامة وأن يعتدي على رجال الأمن أو على ممتلكات المواطنين فهذا النوع من التصرفات يعتبر انتهاكا للأنظمة والقوانين وخروجا على النظام العام وبالتالي فإن من حق الدولة أن تتخذ جميع الإجراءات اللازمة للحفاظ على الأمن الوطني وأن تقف بالمرصاد لكل العابثين غير المسؤولين الذين ينفذون أجندة خاصة هدفها الإساءة للدولة الأردنية.
قبل أكثر من أربع سنوات تعرضت بعض الدول لهزة اقتصادية عنيفة وخسر ملايين المواطنين جزءا من مدخراتهم التي وضعوها في البنوك التي أعلنت إفلاسها وهؤلاء المواطنون تظاهروا واحتجوا وعبروا عن رفضهم لما حصل لكنهم لم يقوموا بتخريب الممتلكات العامة ولم يعتدوا على رجال الأمن أو يحرقوا السيارات والأبنية الحكومية.
نتفق جميعا على أن الإجراءات الحكومية الأخيرة كانت قاسية وأن هناك فقراء سيتضررون من هذه الإجراءات لكن في المقابل دعونا نتحدث بمنتهى الصراحة ونتكاشف ونضع النقاط على الحروف فقد وصل مجتمعنا إلى حالة غير مسبوقة من البطر والترف والاستهلاك المدمر فهل من المعقول أن يقوم موظف لا يتعدى راتبه الشهري خمسمائة دينار بشراء جهاز خلوي ثمنه ستمائة دينار وأن يلجأ إلى أحد البنوك للحصول على قرض من أجل شراء هذا الهاتف؟. وهل يصدق أحد أن بعض المواطنين الذين يشكون الفقر لديهم أكثر من جهاز هاتف خلوي يصل ثمنها إلى حوالي الألف دينار؟. وهل من المقبول أن تكون لدى بعض العائلات غير الثرية خمسة أو ستة أجهزة هواتف خلوية في البيت حتى أن أطفالها الذين لم تتجاوز أعمارهم سبع أو ثماني سنوات لديهم أجهزة خلوية؟. كذلك كيف لنا أن نصدق بعض المواطنين الذين يشكون من الفقر لأن رواتبهم متدنية كما يدعون ويركبون سيارات من ذات الدفع الرباعي والتي تشرب البنزين شربا وقد إشتروها عن طريق أحد البنوك بمبلغ كبير جدا ويدفعون فوائد لهذا البنك قد تصل إلى أكثر من خمسين بالمئة من قيمة القرض؟.
نحن هنا لا نريد أن نحاسب الناس لكن لا يحق لهؤلاء الناس أن يحتجوا بطريقة فوضوية على رفع الدعم عن المشتقات البترولية ولا يحق لهم أن يخربوا الممتلكات العامة وأن يهاجموا المراكز الأمنية بإطلاق الرصاص عليها ويعتدوا على رجال الأمن العام ناسين أو متناسين أن هؤلاء الرجال هم أبناؤنا وإخوتنا وأقاربنا وكأن هؤلاء هم السبب في رفع الدعم عن المشتقات البترولية.
علينا جميعا أن نتقي الله في وطننا وأن نحافظ على إنجازاته ومكتسباته وأن نفكر ألف مرة قبل أن نحاول الاعتداء على هذه المنجزات والمكتسبات وأن نتعظ بما جرى ويجري في بعض الدول العربية فالإخوة العرب يحسدوننا على ما نحن فيه من استقرار أمني وإذا كنا نمر بأزمة اقتصادية فهذه الأزمة ستمر إن شاء الله بأقل الأضرار والحكومة الحالية حريصة على أن تعيد الأمور إلى نصابها وقد اتخذت إجراءات صارمة كنا جميعا نطالب بها فلنعطها الفرصة التي تستحق وأن نكون حنونين على هذا الوطن الطيب.
المراجع
جريدة الدستور
التصانيف
صحافة نزيه القسوس جريدة الدستور