يتوقع المراقبون السياسيون أن تندلع انتفاضة ثالثة في الضفة الغربية بعد أن أصبحت بوادرها على الأبواب خصوصا بعد موت الأسير الفلسطيني عرفات جرادات تحت التعذيب في السجون الاسرائيلية وبعد اضراب الأسرى الفلسطينيين احتجاجا على سوء المعاملة وعلى التوقيف الطويل الأمد والأحكام الجائرة التي صدرت بحق معظم هؤلاء الأسرى من المحاكم الاسرائيلية.

المظاهرات التي عمت الضفة الغربية هي مظاهرات عفوية وقد جاءت نتيجة للممارسات الاسرائيلية سواء ضد الأسرى الفلسطينيين أو ضد الشعب الفلسطيني بشكل عام؛ فحياة الفلسطينيين أصبحت لا تطاق تحت الاحتلال فالحواجز الاسرائيلية المنتشرة في كل مكان جعلت حياتهم جحيما لا يطاق وقطعان المستوطنين تعيث فسادا في المدن والقرى الفلسطينية والاستيطان الاسرائيلي يبتلع الأراضي الفلسطينية يوما بعد يوم والفقر والبطالة وتجريف المزارع الفلسطينية وقطع الأشجار المثمرة والأهم من ذلك كله الانقسام الفلسطيني الذي كما يبدو لن ينتهي قريبا كل ذلك جعل الفلسطينيين محبطين الى أقصى الحدود لذلك فان قاموا بانتفاضة ثالثة لن يكون ذلك مستغربا أو حتى مستهجنا بالرغم من أن السلطة الفلسطينية لا تريد ذلك لأن زعيم هذه السلطة لا يؤمن بالمقاومة ويفضل أن تكون المعالجات مع الاسرائيليين سلمية طمعا في استئناف المفاوضت مع الاسرائيليين وانتظارا لزيارة وزير الخارجية الأميركية جون كيري والرئيس الأميركي باراك أوباما الى المنطقة بحيث لا يجدان أمامهما وضعا ملتهبا في الضفة الغربية.

على صعيد آخر، يقف العرب في الجانب الآخر غير مبالين بما يجري في الضفة الغربية وكأن هذا الذي يجري هناك لا يعنيهم فمصر مشغولة بوضعها الداخلي غير المستقر وأفضل ما فعلته منذ تسلم الاخوان المسلمين السلطة هناك هو التوسط من أجل التهدئة بين حماس واسرائيل ويبدو أن النظريات العقائدية التي يتبناها الاخوان المسلمون غير قابلة للتطبيق على أرض الواقع وعليهم أن يتعاملوا مع اسرائيل وأن يحترموا معاهدة السلام المصرية الاسرائيلية وهذا ما فعلوه حتى الآن.

أما العرب الباقون فهم مشغولون بأوضاعهم الداخلية فسوريا تمر بأزمة حادة والاقتتال مستمر بين النظام السوري والمعارضة المسلحة والقتلى كل يوم بالمئات ولا يبدو أن هناك أملا بأن ينتهي هذا الوضع قريبا ودول الربيع العربي ما زال الحكم فيها غير مستقر وتعاني من فوضى ومن عدم الاستقرار السياسي.

في ظل هذا الوضع العربي المتردي يبقى الفلسطينيون وحدهم في الساحة وحتى عندما قام رئيس الوزراء المصري هشام قنديل ووزراء الخارجية العرب بزيارة تضامنية الى قطاع غزة بعد العدوان الاسرائيلي الأخير عليها كانت هذه الزيارة زيارة معنوية فقط لم تضف شيئا فعليا الى الفلسطينيين وغادر المسؤولون العرب القطاع كما دخلوه بدون أن يكون هناك أي أثر لهذه الزيارة.

السلطة الفلسطينية تنتظر الآن زيارة وزير الخارجية الأميركية وزيارة الرئيس باراك أوباما ويبدو أنها تعلق آمالا كبيرة على هذه الزيارة مع أن كل الدلائل تشير الى أن هذه الزيارة لن تسفر عن أي شيء فالرئيس الأميركي غير قادر على فرض أي شيء على رئيس الوزراء الاسرائيلي ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لا يبالي بما يقوله هذا الرئيس ويستمر في عمليات الاستيطان والاستيلاء على الأراضي الفلسطينية ويرفض استئناف المفاوضات مع السلطة الفلسطينية الا اذا كانت بدون أي شروط مسبقة وحتى لو افترضنا أن هذه المفاوضات قد استؤنفت فماذا بقي للفلسطينيين حتى يفاوضوا عليه.

اذن.. العرب في واد والفلسطينيون في واد آخر أما بقية دول العالم المؤثرة في القرارات الدولية وخاصة الاتحاد الأوروبي فهي لا تحسن الا استخدام الادانات الشفوية للممارسات الاسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة أما العدالة وحقوق الانسان التي تتشدق دائما بالحديث عنها بمناسبة وبغير مناسبة فهي لا تخص الفلسطينيين لأن ذلك سيغضب الادارة الأميركية.

النتيجة من كل ذلك هي أن الشعب الفلسطيني يجب أن يعتمد على نفسه وأن يقاوم الاحتلال بكل السبل الممكنة وغير الممكنة وهذه مسألة مباحة في كل القوانين الأرضية والسماوية.


المراجع

جريدة الدستور

التصانيف

صحافة   نزيه القسوس   جريدة الدستور