يجب أن نعترف، بأن كل الجهود التي بذلتها الحكومات المتعاقبة ووزارة التعليم العالي ومجالس أمناء الجامعات من أجل وقف العنف الجامعي أو الحد منه قد فشلت فشلا ذريعا بل إن وتيرة هذا العنف تزداد يوما بعد يوم وكان آخر هذا المسلسل المأساوي ما حدث في جامعة الحسين من قتل لم نكن نتصوره أبدا فهل من المعقول أن يقتل أربعة شباب وأن تعثر قوات الأمن على أسلحة رشاشة داخل حرم الجامعة فكيف دخلت هذه الأسلحة ومن الذي أدخلها وماذا يفعل الحرس الجامعي الذي يقف على أبواب الجامعة؟.
قبل بضع سنوات، كتبنا في هذه الزاوية عن فوضى الدخول إلى احدى الجامعات فكانت النتيجة أن أقام حراس الجامعة دعوى قضائية ضدي بقيت أتحاكم بسببها ثلاث سنوات ونصف السنة، أما اليوم فتدخل الأسلحة الرشاشة إلى جامعة الحسين ولا أحد يسأل كيف دخلت من أمام الحراس الذين يقفون على أبواب الجامعة؟
.
العنف الجامعي لا يحل بإجراءات شكلية من نقل واستبدال لبعض الموظفين أو العمداء أو رؤساء الجامعات. العنف الجامعي يحل بتنمية مهارات الطلاب العلمية والأدبية وإشغالهم بقضايا توسع آفاقهم فلم نسمع على سبيل المثال أن طلاب إحدى الكليات ذهبوا في رحلة علمية إلى أحدى مناطق الوطن ولم نسمع أن طلاب كلية أخرى سافروا في رحلة ترفيهية لمدة يوم واحد على الأقل؛ لأن هذه الرحلات والتجمعات توطد عرى الصداقة والزمالة بين الطلاب وتصهرهم في بوتقة واحدة.
في الجامعات الأردنية مع الأسف لا توجد أحزاب ولا تشجع هذه الجامعات على انضمام طلابها لأي حزب كما لا توجد في جامعاتنا نواد يقضي فيها الطلاب أوقاتا ممتعة، حتى الأنشطة الرياضية أصبحت شبه معدومة فلم نسمع أن إحدى الجامعات لديها فريق للعب كرة القدم أو كرة السلة أو الكرة الطائرة.. الخ والطاقات الشبابية الموجودة لدى الطلاب تفرغ مع الأسف في العنف الذي أصبح ظاهرة في جامعاتنا.
لن يتوقف العنف الجامعي إذا بقينا ننظر ونقترح الحلول غير العملية أو غير الواقعية فالحلول القابلة للتطبيق موجودة لكن لا أحد يريد أن يطبقها وأول هذه الحلول هو تطبيق القانون وعدم التراجع عن بعض قرارات الفصل أو الحرمان من بعض الفصول التي تتخذها أحيانا إدارات الجامعات.
أما الحل الثاني الموازي فهو إشغال الطلاب بالنشاطات العلمية واللامنهجية بحيث لا نترك لهم وقتا للتفكير في المشاكل أو التحرش ببعضهم البعض.
إن النشاطات اللامنهجية تجعل من الطالب القادم إلى الجامعة ،من وسطٍ عشائريٍ متقوقعٍ على نفسه، طالبا آخر واسع الأفق قويَّ الشخصية، ينظر إلى المستقبل ويندمج مع زملائه وزميلاته دون أن تكون لديه عقد العشيرة أو القرية أو الشلة لكن هذه النشاطات اللامنهجية التي نتحدث عنها معدومة في جامعاتنا ولا ندري لماذا.
العنف الجامعي يجب أن يتوقف لأنه يسيء إلى سمعة بلدنا وإلى سمعة جامعاتنا، ويجعل العديد من أولياء أمور الطلاب الذين يفكرون بالقدوم إلى بلدنا للدراسة يفكرون ألف مرة قبل أن يرسلوا أبناءهم إلى الأردن ليواصلوا تعليمهم الجامعي.
المراجع
جريدة الدستور
التصانيف
صحافة نزيه القسوس جريدة الدستور
|