المؤسسات التعليمية وعلى رأسها الجامعات يفترض ان تكون قدوة المجتمع في مختلف القضايا وان تكون الرائد في المساواة بين المواطنين ككل وان تنظر الى المرأة والرجل بمنظار واحد لا ان تميز الرجل في تعاملها عن المرأة في الوقت الذي عمل قانون الاحوال الشخصية على وضع قواعد جديدة للحد من التمييز وكذلك تعمل الحكومة على ذلك وكذلك مؤسسات المجتمع المدني.

ان منارات العلم والتعليم يجب ان تكون مختلفة عن المجتمع حتى لو كان به تمييز لان الطبقات التي تقود هذه الجامعات هي من الطبقات المثقفة والمتعلمة والواعية والتي تضع الخطط والاستراتيجيات لمجتمع متساو في الحقوق والواجبات فالجامعة يجب ان تكون هي من يعلم الناس اصول العدالة والمساواة لا ان يكون هناك في انظمتها وتعليماتها تجاه مختلف القضايا ما هو عكس ذلك.

ما قادني الى هذه المقدمة هو شكوى وصلتني من سيدات متقاعدات من جامعة اليرموك يعانين من اساليب تعتمدها الجامعة في انظمتها وتعميماتها تجاههن فيما يتعلق بالتأمين الصحي والعراقيل التي وضعتها ادارة الجامعة امامهن للاستفادة من هذا التأمين وباسلوب ينم عن عدم المساواة والتفرقة بين الذكر والانثى في التعامل مع مختلف القضايا.

تقول السيدات ان ادارة الجامعة قامت مؤخرا بوضع تعميمات تعجيزية ونستطيع ان نقول ان الهدف منها اقصائي لسيدات خدمن في هذه الجامعة لسنوات طويلة قد تصل الى الثلاثين سنة وبعضهن اكثر من عشرين سنة ومن هذه التعميمات اذا ارادت هذه المتقاعدات تأمين ازواجهن صحيا وهذا الطلب لا يطلب من المتقاعدين الرجال بل من النساء فقط ان تحضر خمس وثائق ليتمكن زوجها من الاستفادة من تأمينها مع ان هذه الشروط لم تطلب منهن عندما كن على رأس عملهن وهذه الوثائق اثبات عدم وجود تأمين صحي مدني وثانيا عدم وجود تأمين صحي من القوات المسلحة والثالثة ان لا يكون الزوج مشمولا بالضمان الاجتماعي وعلى الزوجة ان تحضر من المحكمة وثيقة تثبت إعالتها لزوجها والخامسة احضار تقرير طبي يثبت ان الزوج لا يعاني من امراض الخرف والسرطان والشلل الدماغي.

ألم تسأل الجامعة نفسها ان هؤلاء النساء كن يعملن لديها سنوات طويلة وخدمنها لفترات طويلة وكن لا يستفدن من التأمين الصحي في الغالب لانهن كن بصحة جيدة وكان يقتطع عليهن للتأمين الصحي اموال طائلة لم يستفدن منها؟ وعندما جاء وقت الاستفادة منها ونحن نعرف ان المؤمن صحيا قد لا يحتاج التأمين الصحي رغم اشتراكه به لسنوات طويلة الا في مرحلة متأخرة من العمر الا تشفع له خدمته والاموال التي دفعها ولم يستفد منها ان يستفيد في خريف عمره؟ اليس التأمين الصحي هو تكافلي تعاضدي بين الجميع حتى يستفيد منه من هو بحاجته ويتضامن معه بذلك زميله الآخر ، كما يتضامن معه الاقساط السنوية الطويلة التي لم يستفد منها وعندما حان وقت الاستفادة منها توضع العرقيل.

ولماذا التمييز بين الذكر والانثى ، أليس من تعين سواء كان ذكرا وانثى له الحق الكامل والمشروع في الاستفادة من الخدمات التي تقدمها الجامعة؟ أليس حق الزوج من الزوجة كما هو حق الزوجة من الزوج في تعليمات جامعة اليرموك؟ اين نحن من القوانين والشرائع الدولية ونحن نتعامل بمبدأ التمييز بين الذكر والانثى؟ وهل تطلب الجامعة من الزوج العامل لديها نفس الشروط التي تطلبها من الزوجة العاملة لديها تجاه زوجة الاول وتجاه زوج الثانية؟.

اننا نأمل من ادارة جامعة اليرموك ونحن نعيش مرحلة حقوق الانسان ، وهي مؤسسة تعليمية رائدة في المجتمع ان ترتقي الى ما هو اكثر من مبدأ التمييز ، بل على العكس يجب ان تكون نموذجا يقتدى في التساوي بين عامليها متقاعدين وغير المتقاعدين من الرجال والنساء على حد سواء ، فكيف تطلب من الزوجة شروطا تعجيزية ولا تطلب من الزوج نفس الشروط ، وقد تكون زوجته تعمل ولديها تأمين آخر.

وأخيرا.. اليس محرجا من مؤسسة تعليمية ان تطلب من زوجة احضار ورقة اعالة لزوجها من المحكمة؟.


المراجع

جريدة الدستور

التصانيف

صحافة   نايف المحيسن   جريدة الدستور