نحن شعب لا يقرأ وكل واحد منا يعتقد انه يملك ناصية الحقيقة، نحن شعب كل واحد فينا يعتقد انه يفهم وغيره لا يفهم.. ان كان منا شخص مُوالٍ يعتقد انه هو الموالي الوحيد في الدنيا وغيره غير مُوالٍ وان كان هناك معارض فيعتقد انه هو من يحمل الهم الوطني وغيره منافق للوطن او متآمر بطريقة او بأخرى.

فمن معه يشكو ومن ليس معه لا يشتكي فنحن نقنع باللاشيء اكثر من قناعتنا بالشيء ونحمد الله ولا نقنع ونشكر الله ولا نشبع كروشنا كبيرة وامراضنا كثيرة ورشاقتنا نستغلها في اقصاء الآخر وكسلنا نستعمله في التمني.

لا ثقة لنا بالآخر ونلتقي مع العدو في ان لا نحب بعضنا، الاخ يكره اخاه والاخت لا تحب اخاها من خلال ابنائها والابن يحب اباه عندما يغدق عليه ويكرهه ان لم يكن لديه او ان منع عنه كثير القليل لديه والابنة تحب امها عندما تتستر على عواطفها.

الصداقة مصلحة والزمالة نميمة، فالصديق اصبح يأتيك محتاجا ولا يسأل عنك ان احتجته بل ان اشعرته بحاجتك ابتعد عنك والزميل لا تدر ظهرك له فالطعنة مجرد تحويل استدارة وجهك فكن حذرا وابتعد عنه بالرجوع للخلف فليس عيبا ان ترجع ووجهك لزميلك فكن عند زميلك مثل سيارتك ارجعها للخلف ولا تستدير بها فزميلك لا يحب ان يراك من الخلف لان ذلك يثير حفيظته وتنطلق عنده ملكتا الشعر والنثر فيك.

انت في الحياة وحدك لانك لا تحب غيرك وان احببت لن تحب الا من هم من صلبك فقط لانك لا تحب الا حالك وامتدادك فهذه الايام انت دبر حالك وليس كما كان اباؤك واجدادك فهم كانوا يعيشون حياة الاشتراكية رغم ان غالبيتهم لا يعرفونها وانت تعيش مرحلة الرأسمالية فالقليل منا يعيشونها والاخرون يحلمون بها.

لم نكن في السابق هكذا او لم يكن اباؤنا واجدادنا كذلك فنسمع عن تضحياتهم واعمالهم تجاه بعضهم وعن نخوتهم وتعاضدهم.. الاكل عندهم كان قليلا ويطعم الكثير والمال شحيح ولا قيمة له ان توفر الزاد.. البناء كان عندهم عونة والحصاد «فزعة» وقطاف الزيتون «لمة» والانتخابات «نخوة».. وكل هذه الامور الان تلعبها وحدك فلا فزعة ولا لمة ولا نخوة ولا عونة فهذه المصطلحات ماتت ولم تعد قائمة وهي عبارة عن تراث من الماضي مثله مثل الحضارات العظيمة التي نشاهد آثارها في البترا وجرش فالمعاني تراث لا نحافظ عليها بل نسمع بها.

الفيسبوك واللابتوب اشعلا فينا الثورات ولكنهما عززا فينا الكسل فنحن بحاجة الى ثورة على انفسنا حتى تنجح ثوراتنا هل يتحقق ذلك.. لا ادري.

واخيرا اقول انني خائف جدا لاننا شعب فقد مقومات الحياة فنحن نأكل مما لا ننتج ونلبس مما لا نصنع ونعيش في حياة تقودها الاحتكارات من كافة جوانبها فالغذاء محتكر والدواء كذلك الوزارة محتكرة والعمل لدينا محتقر وشيفرتنا سهلة على العدو وصعبة على الصديق ان كان لنا صديق.


المراجع

جريدة الدستور

التصانيف

صحافة   نايف المحيسن   جريدة الدستور