رغم التطور الهائل في التكنولوجيا والقدرات الاردنية الواسعة في التعامل مع التكنولوجيا والفرق الواضح والهائل ما بين الحاضر والماضي والسباق نحو المستقبل والاردن بعقوله المتميزة والمستنيرة قفز قفزات واضحة واصبح في مصاف الدول المتقدمة رغم ذلك كله الا اننا لا نزال تحكمنا القوانين العثمانية والانظمة والتعليمات التي خلفتها لنا.
نسمع دوماً ان هناك اجراءاتٍ حكومية اصبحت تتم من خلال كبسة زر في جهاز الكمبيوتر والمعاملة التي كانت تأخذ اياما او يوما كاملا من الشخص؛ اصبحت لدى بعض الجهات لا تستغرق دقائق من الوقت في حين ان هناك تراجعاً في بعض القضايا والمعاملات التي يراجع لها الانسان بالرغم من اعلان الجهات المعنية انها سهلت الامور؛ ولكنك تفاجأ بأن الحال على ما هي عليه قبل عقود ولا اختلاف ولم تستطع بعض العقول مواكبة التطور الحاصل فالبعض لا يزال لا يعرف قيمة التكنولوجيا التي بين أيدي ابنائه ويصر على ان يكون ضدها او غير مقتنع بها.
قد يكون هناك من هو مقتنع ويطبق وقد يكون هناك من هو مقتنع بالتكنولوجيا وليس لديه الاستعداد للتطبيق ولكن علينا ان نجاري التقدم التكنولوجي والا نبقى حبيسي العقلية التقليدية في التعامل مع ما هو متطور.
سمعنا قبل زمن ليس ببعيد ان معاملة من المعاملات التي تطلب للكثير من الحالات وهي عدم المحكومية اصبحت تتم من خلال الرجوع الى الكمبيوتر وبكبسة زر تستطيع ان تعرف اذا كان الشخص مطلوبا ام لا او عليه قضايا ام لا ولكنك تفاجأ ان عليك ان تحصل على هذه الوثيقة بالطريقة العثمانية القديمة وان تبصم حتى لو كانت عدم المحكومية مطلوبة لغايات القبول الجامعي واستغرب ان هذه الوثيقة تطلب لغايات الحصول على المنح الجامعية فهل من يحصل على المنحة يجب ان يكون انساناً سوياً ومن لا يحصل عليها لا مانع من عدم سويته.
من يذهب الى قصر العدل يشاهد الكم الهائل من المراجعين الذين يشكلون ازدحاماً كبيراً في ممراته ومكاتبه ومصيبة المصائب لمن يذهب بسيارته فلا مكان وان وجد مكانا لا يدري ان كانت ستتم مخالفته ام لا؛ لأن لا قواعد للوقوف واصلاً لن يجد من يذهب الى قصر العدل مكاناً ليوقف سيارته بسبب كثرة المراجعين فغالبية المراجعين بقصر العدل ليس بسبب المحاكمات التي وُجد اصلاً لأجلها بل ستجد ان اكثر من 80 بالمائة ممن يراجعون للحصول على عدم المحكومية وكذلك للحصول على كفالات ووكالات عدلية.
عدم المحكومية من خلال ادخال الرقم الوطني او اسم صاحب المعاملة والتي قد يكون طلبها اصلاً غير مبرر في كثير من الحالات الا اننا تعودنا عليها منذ زمن بعيد ويجب ان يبقى هذا الزمن وعلينا ان لا نعيش التطور والتقدم؛ لأن البعض يراه كثيرا على شعب يحترم نفسه.
ولا ادري ما هو المبرر لحضور المكفول طالما ان الهدف هو الكفيل وبالمقابل لا ادري ما هو الهدف من حضور الوكيل طالما ان الموكل هو الهدف.
هذه بعض القضايا «غير المتطورة» في مجتمعنا ويبدو ان هناك هدفا -لا يعرفه الا المخططون- من ابقاء النهج العثماني في التعامل مع المواطن لغاية الآن، فالعثمانيون كانوا يمثلون الاحتلال واعتقد اننا استقلينا وعلينا ان نستقل بالقوانين والتعليمات فكثير من الحالات تتطلب عدم المحكومية ولا مبرر لطلبها ومن المفترض ان تكون اجراءاتها سهلة وميسرة على المواطن فزمن التبصيم ولى ونحن في زمن التقدم والتطور وعلى من لا زال يؤمن بهذا الزمن ان يضع نفسه جانباً؛ لأن الزمان ليس بزمانه.
المراجع
جريدة الدستور
التصانيف
صحافة نايف المحيسن جريدة الدستور