التمويل الاجنبي هو عملية اختراق لنظم او عادات او قوانين او سلوك معين في دول او دولة معينة تحت مسميات حقوق الانسان والديمقراطية من خلال ما يسمى «بالمجتمع المدني» او «الدولة المدنية» او غيرها من المسميات التي هدفها تغيير الانماط وتفكيك القيم الموجودة في المجتمعات المختلفة للتماشى مع ما تطمح له دول قد تكون ذات نظرة استعمارية او قد تكون نظرتها جعل المجتمع مختلفا اختلافا كليا ومتغيرا تغيرا كاملا عما هو عليه.

وجد القائمون على مثل هذا التمويل في الديمقراطيات الغربية ضالتهم بفئات لها حضور وفعل في المجتمع لتتم السيطرة من خلالهم لتنفيذ البرامج والاهداف التي يطمحون اليها.

وهؤلا بالتاكيد يقنعون أنفسم بمثل هذه المفاهيم التي لا حاجة لها في مجتمعاتنا باعتبارهم هم الوسطاء وهؤلاء الوسطاء في الغالب ليسوا بالضرورة مقتنعين بمثل هذه الطروحات ولكن ما يقنعهم التمويل أو ما يحصلون عليه من مال والذي يهدف الى إحداث التغير حتى أنهم يروجون او يسعون لأصحاب الافكار التي تكون قريبة من المفاهيم المطلوبة ليكونوا هم الادوات والبرهان العلمي على ما يقومون به خاصة في عمليات الدراسات وتقصي الرأي العام التي يقومون بها ويقدمون نتائجها الى هذه الجهات.

لاحظنا في سنوات التسعينيات وأوائل الالفين بدايات لمثل هذا التمويل والذي ترافق بشكل اساس مع ما جرى للمنطقة العربية او لمنطقة الشرق الاوسط من تغيرات خاصة بعد او قبل توقيع معاهدت السلام مع اسرائيل وهذا التمويل يأتي من جهات ومنظمات دولية لها اسماء ومسميات عديدة وكل منظمة لها مسرب او اتجاه معين تنفذ منه الى منظمات المجتمع المدني والاحزاب ومراكز الدراسات والابحاث، حتى ان هناك تناغما مع مثل هذه المنظمات وهناك من يعمل على انشاء مراكز ومنظمات وجمعيات لتلبي طموح هذه الجهات ولتكن البذرة الاولى التي من خلالها يأتي سيل التمويل والدعم فهم يزرعون ليأتيهم المدد وهناك من يطلب منهم الزراعة والتمويل وعادة يكون التمويل لمشاريع تتعلق بالبيئه مثلا او الاعلام والصحافة وقضايا النساء والاطفال والتعليم والتنمية الاجتماعية وغيرها من المشاريع التي تبدو في ظاهرها تتعلق بالقضايا الانسانية بأبعادها المختلفة؛ ولكنها في الباطن تسعى لتفكيك المجتمع.

وتقوم مثل هذه الجهات الاجنبية بناء على ما يقدم لها من تقارير واستخلاصات ونتائج بالضغط على الدول لتغير الأنظمة والقوانين الموجودة فيها ولتتماشى مع اهداف هذه المنظمات التي حققتها من خلال مندوبيها او ممثليها في الدول المختلفة، وهم الذين تم تمويلهم لاعداد ولتقديم دراسات وابحاث ونتائج رأي عام ليس بالضرورة معبرة عن المجتمع، وهي حقيقة لا تكون معبرة عن المجتمع ولكنها تلبي اهداف الجهات الممولة وتقنع الآخر بهذه الدراسات بأنها جاءت من الواقع وليست مبنية على الخيال والاستنتاجات البعيدة عن ارض الواقع، ومن هنا قد تفرض هذه الاستخلاصات لتحقيق التغيير المطلوب والذي يكون الهدف منه تفكيك نظم وأسس تحكم مجتمع معين. وبالاضافة الى تفكيك المجتمع فإن مثل هذه المنظمات تهدف الى اضعاف الدول وانظمتها القائمة؛ لتتماشى مع ما تفرضه العولمة عليها وتدعي ان النتائج والخلاصات للدراسات والابحاث قامت بها جهات محلية ولا يمكن ان تقول، إن هذه الجهات قامت بما تريده المنظمات الدولية من خلال تمويل اجنبي هدفه شراء الذمم والارتزاق على حساب الوطن.


المراجع

جريدة الدستور

التصانيف

صحافة   نايف المحيسن   جريدة الدستور