(1)

أراد رجل ان يخيط بذلة من قطعة قماش يملكها ، فدخل إلى خياط وسلمه إياها ، نظر الخياط للرجل ، وبدون ان يأخذ القياسات قال له: بترجع بعد ساعة بتوخذ بذلتك،، اندهش الرجل وتساءل عن القياسات ، فقال الخياط: هذول الخياطين الهمل اللي بعملوا بروفة وبوخذوا قياسات.. ارجع بعد ساعة وخذ بذلتك.

عاد الرجل بعد ساعة ولبس البذلة الجديدة ، فإذا هناك كمّ أطول من كم ، وسحاب البنطلون اعوج ، والأزرار لا تلتقي مع الثقوب ، التي هي أصلا أصغر أو اكبر من الزر.. كفة البنطلون اليمنى ملوية.. وهكذا.

الخياط نظر إلى الرجل وقال له: إطعج حالك هيك.. خلي رقبتك لليسار.. افكح رجلك اليمين ، انفخ صدرك.. خلي كوعك أفقي.. وقف على رجلك اليسار.. أيوه هيك تمام.. البذلة ع قياسك مبروك.

خرج الرجل بهذه الحالة المزرية وهو يفكح ويعرج حتى يتناسب مع البذلة ، فشاهده الناس.. قال الأول: شوف الزلمة كيف كسماته مطعوجة،،.

فقال الثاني: شوف الخياط العبقري اللي عمل له بذله ع كسماته.

نحن ابناء هذه البقعة العملاقة المحشورة ين المحيط والخليح.. نحن نمشي بذات طريقة الرجل تقريبا مع بعض الاختلافات من دولة لأخرى ، اختلافات اقتضتها طبيعة المنطقة الجغرافية والسياسية (الجيوسياسية) ، لكننا نتشابه كثيرا.. حكوماتنا كانت هي الخياط طبعا.. ونحن.. نحن بنستاهل،،.

(2)

معظم السلطات تلجأ في المحن الكبرى التي تواجه الوطن إلى استغلال التلاحم الشعبي ضد التهديد الخارجي من اجل فرض قيود على حريات الأفراد والجماعات والأحزاب بحجة تمتين الوطن ضد الاختراق.. هذا ما فعلته أميركا بعد انهيار البرجين،، وهذا ما فعلته أسبانيا بعد تفجير القطارات،، وبريطانيا،، واندونيسيا وباكستان ، وكل دولة تتعرض لأوضاع مشابهة. وهذا ما كانت تفعله الدول العربية منذ إنشائها تقريبا ، بحجة هزيمة حزيران والعدو الصهيوني (الغاشم).

أما حاليا.. الحمد لله ، الذي لا يحمد على مكروه سواه ، فالدول العربية لا تضع القيود على الحريات ، لأن ليس لديها حريات أصلا.. حتى الحرية ، هي عادة بلا سقوف ، لكننا عملنا منها (مسقوف)،،.

(3)

يقول باحثون ان التمساح هو اكثر الحيوانات اخلاصا لزوجته ، وإنه يتزوج مرة واحدة ويظل مع قرينته حتى يموت احدهما.

اما نحن فاننا ندعي بأن دموع التماسيح مخادعة وكاذبة ، وتأتي من باب التباكي على الضحية ، وشباك من يقتل القتيل ويمشي في جنازه حزينا.

تبين لنا اخيرا ان الإنسان هو اكثر الكائنات خداعا وخيانة.. وان دموع التماسيح هي مجرد استجابة بيولوجية لعملية البلع ، ولا يشعر اصلا بالذنب خلال عملية الافتراس ، فهو يعتاش بهذه الطريقة.. وهذا رزقه. اما نحن.. فنمتلك القدرة على الدهلزة والخداع والمكر.. اكثر من جميع كائنات الأرض الأخرى،،.


المراجع

جريدة الدستور

التصانيف

صحافة   مهند مبيضين   جريدة الدستور