"أكبر منك بيوم أفهم منك بسنة" ربما تكون هذه اول نصيحة تعلمناها صغارا ، وكان الكبار لا ينفكون عن تكرارها على سبيل الإحساس بالتفوق(الزمني) علينا نحن الصغار آنذاك. لم اكن اصدق هذه الحكمة قط فقد كنا صغارا في المدارس بينما كان أباؤنا أقرب الى الأمية أو يفكون الحرف بصعوبة ، فكيف يكونون أفهم منا؟

وقد أثلج صدري ونافوخي وغددي المعثكلة وأنا أقرأ خبرا يقول بأن الباحثة الألمانية أرسولا شتاودينغر من جامعة ياكوبكس الخاصة في برلين العاصمة ، قد اكتشفت بعد دراسات وتجارب طويلة المدى بأنه ليس بالضرورة أن يكون الكبار أكثر حكمة من الشاب لأنهم لا يستطيعون التعامل مع الأشياء بالكفاءة المطلوبة ، وهم اقل استعدادا لنقد انفسهم بعكس الشباب.

ربما كان هذا القول قريبا من الحقيقة ايام زمان حيث كانت وسائل وأدوات الحياة ثابتة نسبيا ، فيمكن ان يعرف الكبير اكثر من الصغير ، لكننا حاليا في عصر يعرف الصغير اكثر من الكبير ، ويستطيع استيعاب المعطيات التكنولوجية ووسائل الراجة والمتعة الحديثة بشكل اسرع وأدق من الأكبر سنا.وقد حصل ذلك مع الكثيرين منا بالتأكيد ومنهم انا ، حيث قمت بتعليم اطفالي الأوليات التي عرفتها عن تشغيل الكمبيوتر ، حاليا اي بعد عشر سنوات ارجع لهم ليدلوني على ما لم افهمه من البرامج ووسائل تشغيلها ..فيقومون بتعليمي اياها وهم يبتسمون بخبث ، لأنهم يعرفون اني سوف اعود مرة ثانية لأسأل ذات السؤال اذا رغبت في استخدام هذا البرنامج مرة اخرى .

ببساطة لقد انقلبت الموازين والمكاييل ونحن حاليا في عصر من الأفضل والأصح ان نقول فيه :(أصغر منك بيوم ..أفهم منك بسنة).


المراجع

جريدة الدستور

التصانيف

صحافة   مهند مبيضين   جريدة الدستور