اللحمة البلدية في العلالي ، ولحقتها السودانية وأخواتها، ناهيك عن المجمدات وبنات أختها، وما عدنا نعرط بقصة المنسف اللي عجاج اللي ما يرضينا ، فقد رضينا بالخم وبالهم، وما رضي فينا غير الهم...وعادت الفرصة شبة الوحيدة لنا لتعاطي المناسف باللحم البلدية هي في إنه واحد أعمى البصر والبصيرة يعزمنا ، طبعا لم نعد نتعفف عن لحم العزاء ، لكن حتى العزاء صار ع الناشف.

صديقي العزيز الفنان موسى حجازين عزمني مع صديقي احمد الزعبي الأسبوع الماضي على منسف جاج، تحت شعار أنه زهق اللحمة وجاي ع باله جاج(ع بعض يا أبو صقر؟؟؟؟).... المشكلة ان هذه الرغبة لم تأته الا ع دوري؟؟.

هذا ما يجعلني استذكر ايام زمان ،بصفتي مؤرخا عالميا في مجال المناسف ، على اعتبار ان التاريخ هو ما تمت كتابته، وليس بالضرورة ان يكون هو ما حدث فعلا ، فإني اعود الى العصور الجيولوجية الأولى التي مرت على الأردن معتمدا على الذاكرة الجمعية ، التي تدعي بأن الأمور تطورت في الأردن بالشقلوب:

فقد مر الأردن أولا بالعصر الجميدي الأول ، حيث كان الأولاد يلعبون (طقي وجري) بكرات الجميد اليابس ، بينما البنات يلعبن (الزقطة) بحثاريم اللبن الممروس بالأواني الفخارية ..لا بل سمعت بأن اجداد اجدادي في الكرك كانوا يذوبون اللبن الجميد في برك واسعة ويجرون عليها مسابقات عالمية في التزلج على الجميد وقد حصلت الأردن على ذهبيتين في هذا المجال.

، ويدعي البعض انه يتذكر انه عندما حلّ وزير ضيفا على الأردن بداية الستينيات، فقد تم مرس اللبن بلواقط الأقمار الصناعية في صويلح، ويؤكد هؤلاء ، إن المريس قد علق بتلك اللواقط العملاقة ،وكنت تشم رائحته خلال البث التلفزيوني.... يعني كان الخير كثير واللحم رخيص.... وكان الناس يلتفون حول المنسف ويأكلون بأيديهم ولحاهم وشواربهم.

أما في العصر الجميدي الثاني ، وهو عصر انتهى قبيل نهاية الألفية بثوان . فقد ارتفعت اسعار اللحم قليلا و(شمطت ) اسعار الجميد البلدي ..فتحول الناس الى اللحم المستورد (والمجمد للعائلات الأقل حظا) وصاروا يستخدمون الجميد السوري الرخيص نسبيا . وامتاز هذا العصر بأن الناس صاروا يأكلون المنسف بالمعلقة، والرز واللبن في صحن صغير ، وقطعة اللحم ما تزال ترى بالعين المجردة .

أما هذا العصر الأجدب فإن عبقريتي التأريخية لم تصل الى تسمية محددة له حتى الآن ، لكن من الواضح اننا خسرنا الميداليات الذهبية في مجال الجميد، ودخلنا في العصر التنكي .... وارتفعت اسعار اللحوم ولم يعد المواطن قادرا على دخول الملحمة..حتى لو كانت (ملحمة جلجامش).


المراجع

جريدة الدستور

التصانيف

صحافة   مهند مبيضين   جريدة الدستور