اعتمادا على الذاكرة، فقد تحدث عالم النفس الكبير سيجموند فرويد عن عدة جروح نفسية أصابت الإنسان، وقد تحدث أولا عن الجرح النرجسي الذي أصاب الإنسان حين تحدث كوبرنيكس وأثبت أن الأرض هي التي تدور حول الشمس، وليس العكس ، وبالتالي فقد الإنسان وهمه الكبير بأنه مركز الكون وأن الأفلاك تدور حوله لإضاءة ليله بالرومانسية والسحر.

الجرح الثاني الذي تحدث عنه فرويد – مؤسس مدرسة التحليل النفسي- وقد نسيت ما سماه، لكنه يتعلق بجوهر الأنسان ، وتأتى هذا الجرح بعد أن اكتشف تشارلز داروين بأن الإنسان ما هو الا سلالة متطورة عن الحيوان ، أي انه – الأنسان- حيوان ما ، سمه الحيوان الضاحك أو الناطق أو العاري أو القاري ,...لا فرق ..لكنه حيوان ..مجرد حيوان.

جرح ثالت حكى عنه فرويد أعتقد أنه سماه الجرح الذاتي ، وهو يتعلق بأوقيانوس اللاشعور، الذي اكتشفه فرويد ذاته،وقال بأنه يتحكم بإلانسان تماما ويملي عليه اسلوبه وتصرفاته وطريقة حياته بأكملها، بينما كان الإنسان يعتقد قبل ذلك بأن الوعي هو الذي يبني تصرفاته وممارساته.

كان فرويد مخطئا في شئ اساسي هو انه اعتقد ان هذه الجروح يعاني منها الإنسان بالمطلق، لكن هذا غير صحيح ، وهي مجرد جروح تصيب – على الأغلب – الإنسان الأوروبي المستعمر الذي كان يحتكر خيرات الكرة الأرضية بأكملها في ذلك الوقت (عام 1917). إذ من الممكن أن تؤثر هذه العقد في نفسيته .

نحن في العالم العربي ، لم نقتنع جميعا حتى الآن بأن الأرض كروية ، وأغلبنا يرفض نظريات داورين ويعتبرها تهافتا للتهافت، أما قصة اللاشعور ، فنحن لم نسمع بالنظرية أصلا ، ومن سمع بها منا ، لم يفهمها.أما اللاشعور..... هه هه هه هه هه قال لا شعور قال

يعني ، أننا لا نعاني من هذه الجروح الثلاث ، لأننا ملتهون بجراحنا التي لا تعد ولا تحصى ،فما زلنا نترحم على ايام العز والرز ، حينما كانت الجبابرة تخر ساجدة لصبياننا ، وحين ملأنا البحر سفنا قبل أن نتقن السباحة.

أي ان جراحنا وثلومنا تاريخية ومستمرة في النزف، لا تنشف ولا تتوقف عن السيلان، بل تتحول من شكل لاخر، وتعبر عن نفسها بممارساتنا العدوانية الجريئة المظفرة الشجاعة ، لكن ضد بعضنا على طريقة مشاطر أبوي على أمي ، وعلى طريقة الذي تبهدله الناس في السوق أو في العمل ، فيعود ويفش حرّته في المرأة والأطفال.

ناهيك عن الجراحات والثلوم التي لا تقصّر حكوماتنا العربية من الشرق الى اقصى الغرب، في حفرها بأظافرها وأظلافها على وجوهنا وقلوبنا وضمائرنا.


المراجع

جريدة الدستور

التصانيف

صحافة   مهند مبيضين   جريدة الدستور