أما الآخرون فقد ظلموه بخيارهم ،فقد كان سالم النحاس زنبرك الحركة في إنشاء رابطة الكتاب الأردنيين وتنشيطها من منتصف السبعينيات حتى قبل وفاته بسنتين أو ثلاث، وقد استلم مناصب إدارية في جميع الهيئات الإدارية لرابطة الكتاب من عام 1974ولغاية 2007، كان بينها 5 مرات بمنصب نائب رئيس و3 مرات أمين سر وأمين صندوق وعضو لأكثر من مرة ، ولم يمنعه عن عضوية الهيئة الإدارية سوى فتره سجنه ،وفترة اغلاق رابطة الكتاب الأردنيين خلال دورة عام 1987، التي كان فيها نائب للرئيس ، لكنه عاد في أول هيئة ادارية بعد اعادة فتح الرابطة عام 1989بعد خروجه من السجن للمرة الثانية أو الثالثة، وكان شكل هيئة ادارية سرية خلال فترة اغلاق الرابطة بشكل تعسفي .

الغريب أن الهيئة الإدارية لرابطة الكتاب الأردنيين في فترة وفاته (كانون الثاني 2011) لم تكلف نفسها عناء إقامة حفل تأبين له، أو اي ندوة حول كتباته ، بينما تمت اقامت ذات الهيئة الكثير من حفلات التابين لأعضاء متوفين اخرين من الرابطة، وبشكل متكرر (وهم يستحقونها فعلا).

الغريب أيضا أن التجمع الديمقراطي الذي كان سالم النحاس ينتمي اليه ، لم يدع ايضا لإقامة حفل تأبين للعضو المؤسس ، ولم يعترض على الهيئة الإدارية، التي كان يقودها تيار القدس، بتناسي سالم النحاس وبالتالي شارك التياران في وأد سالم النحاس حيا وميتا .

طرف ثالث شاركهم ، وهو حزبه ، حسب الشعب الديمقراطي ، الذي لم يقم بأي حفل تأبين أو اي حفل – مهما كانت مسمياته-، في الوقت الذي تقوم فيه احزاب ومنظمات وهيئات اخرى بابتكار مناسبات لتخليد كتابها الراحلين، كما تفعل الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وحزب الوحدة الشعبية التي تحتفل كل عام اكثر من مرة وتقيم الندوات وورشات العمل حول الشهيد المناضل غسان كنفاني ، وكما يفعل تيار القدس في رابطة الكتاب الأردنيين حول غالب هلسا، وهذا حق لكنفاني وهلسا ، ولكنه حق مهضوم أيضا للراحل سالم النحاس.

الغريب أن الوحيد الذي قام بحفل حول سالم النحاس بعد وفاته هو فرع وزارة الثقافة في مأدبا ، وقد شاركت شخصيا في الندوة مع الرفيقة عبلة أبو علبة أمين عام حزب حشد ، ولمت الحزب أمام الناس على عدم الاحتفال بالراحل ، وقد تحججت أبو علبة بأن سوء تنسيق مع مجمع النقابات في تلك الفترة هو الذي ادى الى عدم اقامة حفل التأبين ، ووعدت عبلة أمام اهل الفقيد واهالي مادبا ، بأن هذا الاحتفال سيكون خلال احتفالات تاسيس الحزب خلال شهر أب أو أيلول و لكن ذلك لم يحصل .

(...)وليس آخرا، فهذا المقال والذي سبقه ، ليس المقصود بهما اللوم بقدر ما هو المقصود التحفيز من اجل اعادة الاعتبار لكاتب أردني مهم. وكم اتمنى ان توافق لجنة بلدية مادبا – بأسرع وقت ممكن- على تسمية شارع باسم الفقيد ، أسوة بالراحل روكس العزيزي الذي كان صديقا لسالم و رئيسا لرابطة الكتاب وكان سالم نائب الرئيس .خصوصا أن مادبا هي مدينة الثقافة لعام 2012، وتحتفل بمئوية انتخاب اول مجلس بلدي للمدينة في ذات العام.

وكم أتمنى أن لا نستمر في اغتيال المبدعين على مذبح الخلافات السياسية والصراعات الانتخابية.


المراجع

جريدة الدستور

التصانيف

صحافة   مهند مبيضين   جريدة الدستور