منذ عام تقريبا خرج رجل تونسي على فضائية الجزيرة يبدي ابتهاجه بجيل الشباب الذي حقق الثورة والنصر وقال: (هرمنا من أجل هذه اللحظة التاريخية) ..قالها وهو يتحسس شعره الأبيض ...... طبعا لم تنسوها فقد صارت العبارة خاتمة المطاف لجيل فشل في القيام بمهامه الوطنية، فشق الشباب عصا الطاعة وأعلنوها حربا على الديكتاتورية في كل مكان .
لحد الآن ،أتحسس شعري الفاحم البياض أمام المرآة وأنا أردد (هرمنا...)..وأنا وأبناء جيلي نراقب هذه التغيرات المذهلة التي تحصل في العالم العربي ، أبطالها شباب لطالما انتقدناهم وشككنا في انتماءاتهم ولم نشكك بميوعتهم وأميتهم السياسية ...لكننا كنا على غلط كبير.
يقال بأن ارتداء الأطفال لأحذية الكبار لا يزيدهم سرعة، بل يخفف من حركتهم ويعرقلهم .....وقد ادرك الشباب اللعبة فرموا أحذيتنا في وجوهنا، وانطلقوا الى الساحات،حفاة عراة ، إلا من وبر القلب النابض بالثورة.
لأننا هرمنا ، فلم نر الورد الأحمر ينمو بين أصابع الفتيات والشبان ، نظرنا الى القيادات الحزبية الهرمة وهي تجدد ولايتها ووصايتها على الشباب كما تجد الأفعاعي جلدها ، فاعتقدنا أن الشباب ما هم الا عصي صغيرة تحت إبط هذا وذاك وذيك وذكذاك.
«هرمنا من أجل هذه اللحظة التاريخية»، وعندما جاءت كنا قد صرنا خارج التغطية ، ولم نسمع هتافات الشباب التي هزت العروش وحيّدت الجيوش وأخافت الكروش...وحولت خناجر الطغاة الى عدس مجروش.
عندما تشتم رائحة عاطلة قوية ، تتضايق في البداية ، ثم لا تلبث أن تعتاد عليها، فتتعطل أجهزة الشم لديك، فلا تشعر بها اطلاقا ....وقد جاءنا الشباب على هذه الحالة ، فخرجوا عن الطوق..وابتعدوا عنا، قبل أن يعتادوا على رائحة الهزيمة النتنة التي أدمنّا عليها..وأدمنت علينا
|
انها ثورات شبابية سياسية واجتماعية وأخلاقية ومطلبية ونقابية ..ثورات في كل المجالات ، نراها ونسمع بها في كل مكان ، وهي مثل تسونامي تسحق ما يقف اماهما مهما حاول الإنحناء.
اشتعل القلب شيبا ، واصلعّت رؤوس، وانثقبت أرواح وأرواح، وكم حاولنا ان نحافظ على جذوة الثورة التي تسربت من بين اصابعنا ، ليجيئ الشباب ويشعلوا نارهم من جديد من وهج القلب ونور الحرية.
نعم هرمنا.............................................
المراجع
جريدة الدستور
التصانيف
صحافة مهند مبيضين جريدة الدستور
|