مع الاعتذار من المرحوم أرنستو تشي غيفارا ، فإني اريد إنتاج نسخة أردنية من عبارته المعروفة ، لتصبح: «إن لم أشد أنا وإن لم تشد أنت ...فمن الذي يشيد؟؟؟». انتهى الاختلاس.

بالفعل فإن لغتنا تفش الغل، وتجد فيها دائما منظومة، لا بل منظومات من الكلمات والعبارات التي تستطيع أن تعبر فيها عما تريد ، دون أن يعني ذلك أن هذا ما تشعر به أو تفكر به أصلا. انها لغة مراوغة ومواربة –إن شئت- تعينك على التقيّة، والتمسح والذبذبة، الى أن تصل الى ما تشاء.

وعندما تصل ،فأنت تتوقع أن يستخدم الناس ذات العبارات في التمسح والتذبذب لكن حتى تسمح لهم بالوصول، إنها مؤامرة مكشوفة ومعروفة للجميع ، والجميع- تقريبا- يمارسها دون كلل أو ملل أو رغبة في التجديد والتغيير ، ولو على سبيل الملل.

أجمل هذه الكلمات ، وأكثرها عبقرية وتكرارا ، هي بلا منازع ولا محتضِر، كلمة أو بالأحرى فعل(أشاد)..افتحوا اي صفحة اخبارية في العالم العربي وعدوا كم (أشاد) في الصفحة الواحدة:

- وقد أشاد معاليه بالمستوى الرفيع الذي وصلت......................

- وقد أشادت الفعاليات الشعبية بما صرح به دولته حول..............

- أشادوا بهذا العرس الديمقراطي..........

ابحثوا في اي ورقة وأي صحيفة، في اي زمن منذ وفاة المعتصم حتى الان، وستجدون نماذج افضل من هذا بكثير ، وهي في الغالب تقال فيما لا يستحق الإشادة على الإطلاق. إن كلمة:»أشادوا» ،هي أطول وأقصر قصيدة مديح عربية على الإطلاق..وأكثرهن خلودا بالطبع.

لا يفوتنا أن نذكر ان (اشاد) تصلح تماما لعمليات البناء ، لكننا استخدمناها لعمليات الهدم والتزوير والإفساد والانتهازية والوصولية .

ولا يفوتنا أن نقول: إنها ربما تكون قريبة من مادة طراشة البيوت القديمة التي كنا نسميها (شيد) ..وكما نستخدمها لغايات تلوين وطراشة الجدران في بيوت الطين ، لكننا نستخدمها اليوم لتزوير الحقائق وستر العورات وتحريف التاريخ.

الرجاء الإشادة بهذا المقال عندرئيس التحرير..........


المراجع

جريدة الدستور

التصانيف

صحافة   مهند مبيضين   جريدة الدستور