كان صاحب دار النشر منشكحا ومرتاحا وهو يروي لنا كيف سطا اللصوص على مستودع الكتب لديه، الذي يحتوي على كتب بعشرات الألاف من الدنانير،ويقع في أحد مناطق عمان الشرقية، حيث اكتشف في الصباح بأن اللصوص قد دخلوا مستودعه وفتحوا ثلاث كراتين أو أكثر.
ولفرحته فإن اللصوص قد خرجوا على (السنحة) ولم يسرقوا ولو قصقوصة ورق واحده ، كل ما في الأمر أنهم فتحوا عدة كراتين فوجدوها حبلى بالكتب ، فخرجوا ورضوا من الهزيمة بالإياب .
ليس في الأمر صحوة ضمير أو ترفع اخلاقي مفاجئ ، كل ما في الموضوع أن الكتب تأتي مشحونة من المطابع – خصوصا من مطابع لبنان- بداخل كراتين كروزات سجاير ما رلبورو وونستون وغيرها ، وقد رصد اللصوص الأفاضل المستودع لعدة ايام، وسالت ريالتهم على كراتين السجائر التي من المفترض أن تحتوي كل كرتونة منها على عشرات الكروزات ، مما يعني ثروة...لكن حساب القرايا لم يأت على حساب السرايا ، والعكس صحيح.
فتح اللصوص الكرتونة الأولى ، وتوقعوا أن تكون مارلبورو، فوجدوها مليانة بالكتب ، ففتحوا الثانية فالثالثة ... ثم اكتشفوا الخطأ الكبير الذي وقعوا فيه ، فلم يريدوا اضاعة بقية يومهم بين الكتب فخرجوا مدحورين ، يبحثون عن لقمتهم في مكان آخر خال من الثقافة والمثقفين.
الا يحق لنا نحن المواطنين غير الكرام (في موطننا) ان نطالب بلصوص مثقفين يقدرون فيمة الكتاب المعنوية قبل المادية ؟؟؟
طبعا يحق لنا
|
لكن للأسف فقد استهلكنا كامل رصيدنا من اللصوص المتعلمين والمثقفين بين الكبار الفاسدين الذين لا يرضون اصلا بحمولة بيك أب من السجائر ، بل أودوا بكامل حمولات البلد، وباعوا أصول الوطن بارخص الأسعار مقابل أن يقبضوا العمولة ( الكومشن) بالملايين.
لدينا لصوص مكتملو الثقافة ، لكنهم استخدموها – اقصد ثقافتهم- في تفريغ ارصدة البلاد وتحويلها الى حساباتهم عدا ونقدا.
لدينا للصوص عصروا الثقافة في كروشهم ، وتركونا مع هؤلاء المساكين اللصوص الباحثين عن سجائر المارلبورو.
المراجع
جريدة الدستور
التصانيف
صحافة مهند مبيضين جريدة الدستور
|