«فوق العمى صميلة»، أما العمى فتعرفونه أما الصميلة فلا داعي لمعرفتها، على كل حال ،هذا مثل شعبي أردني يعني بأن المصائب تتزايد وتتراكم فوق بعضها، وهذا ما حصل مع صاحبنا ، فبالإضافة الى فقره شبه المدقع، فقد أبتلي بالمرض ...بالسكري تحديدا، ولم يعد يستطيع الإكثار ، حتى من الخبز والشاي .
السكري ، ومن لا يعرفه في المجتمع الأردني
| ...انه متفش بشكل واسع جدا، كذمة مراب حديث النعمة، وهو مصاب بهذا الداء الوخيم، ولا يستطيع سوى تلقي العلاجات في حدها الأدنى، عن طريق العيادات الحكومية وحبوب الجلوكوفيج التي يتعاطاها المواطن الأردني، كما يتعاطى حثاريم المريس.
جاء من القرية الى التاجر الذي يتعامل معه في مادبا ، وكان ينوي استدانة بعض الأغراض، وهو يعرف أنه لم يسدد ديونه للتاجر منذ اشهر ، لذلك سيكون الأمر صعبا بالضرورة، لكن للضرورة ذاتها أحكام وأحكام.
بعد السلام ، والجلوس على كومة من أكياس القمح الفارغة(أم خط أحمر)، حاول أن يطلب من التاجر أن يصبر عليه ويعطيه بالدين أيضا، حاول،لكن يديه ابتدأت بالرجفان ، مع دوخة خفيفة تتزايد باستمرا ، العرق ينتشر وينزّ من كافة مسامات جسده، حاول النهوض فلم يستطع، حاول الحفاظ على توازنه لكنه سقط على الأرض .
التاجر مصاب بالسكري أيضا، ويعرف أن هذه هي اعراض هبوط السكر ، ويعرف أن الحل هو أن يأكل المريض حلويات سريعة الامتصاص. لذلك فتح التاجر نصية الحلاوة السادة، وأخذ منها معلقة كبيرة وتوجه الى صاحبنا المرمي على أرضية الدكان ليضعها في فمه، حتى ينجو من نوبة هبوط السكر .
صاحبنا رغم حاجته التي يعرفها تماما، أغلق فمه ورفض أن يضع المعلقة في فمه، لكنه كان يشير بعصبية في يده المرتجفة ويقول بصوت مرتجف :
- حشية ..شية شيه ..شششششيه
لم يفهم الناس ما يقوله الرجل ، واعتقد بعضهم أن نوبة السكري قد نالت من دماغه، لكن التاجر انتبه الى إشارة يد الرجل ..وتتبعها . كان المريض يشير الى علبة الحلاوة الأخرى، التي بجانب علبة الحلاوة السادة ..انها علبة الحلاوة المحشية بالفستدق الحلبي والمضمخة بزيت السيرج وماء الورد، فهذه فرصته الوحيدة لتذوق الحلاوة المحشية .
الحكمة الواقعية من هذه القصة الواقعية:
لقد عانينا هبوطا كبير في مستوى الديمقراطية في دمائنا ، لذلك نحتاج الى ديمقراطية فخمة وممتازة ، وليس الى ديمقراطية سادة.... مجرد سادة.
نحن جوعى الى ديمقراطية حقيقية والا ..بلاها.
المراجع
جريدة الدستور
التصانيف
صحافة مهند مبيضين جريدة الدستور
|