(1)

كانت الكثير من شعوب اوروبا خلال العصور الوسطى تعتقد بأن الجزء الذي يتعب أكثر في جسد الإنسان هو الأقدام، لذلك كانوا يقومون بوضع اقدامهم على الوسائد عند النوم بدلا من رؤوسهم ،بالتالي فإن الاقدام هي الأحق بالراحة، اما الراس فلا يتعب ويبقى مرميا على الارض.

تخيلوا كيف كانت الأقدام مرتفعة بكل أبهة على الوسائد بينما الدماغ مرمي وحيدا في الجانب الآخر ، لأنه (فاضي أشغال) ولم يتعب ولم يمش ولم يركض ولم يحمل ، وقضى نهاره مرتاحا في تجويف الجمجمة، ليشكل معها نتوءا لا مبرر له في أعلى الجسد.

طبعا، نهضت اوروبا من كبوتها المتوسطية، وتقدمت علميا وتقنيا وإنسانيا ، وعرف الناس أن الدماغ هو الأحق بالإحترام ، لأنه الأكثر نشاطا وتعبا ، ولا بأس من رفع الأقدام على وسائد أخرى .

أما نحن الأعاريب ، فما زلنا نعتقد أن الأقدام هي التي تتعب ، وما يزال تدليل المرِأة لزوجها يعتمد على طشت الماء الساخن لنقع اقدام البعل المتعب ، وما تزال الأقدام تحتل الوسائد مكان الرأس ، حتى أننا صرنا نفكر بأقدامنا، ونضحك بأقدامنا ،وصارت الأقدام تجمعنا وتفرقنا ...ومن لا يصدق ...فليسال مجموعة من العربان عن ايهما افضل : فريق برشلونة لكرة القدم أم فريق مدريد، سيجد أن العربي يعرف تفاصيل التفاصيل ونمر شورتات اللاعبين وأسماء عشيقاتهم ، بينما لا يعرف عن قضاياه المصيرية إلا القليل القليل مما لقنوه اياه في المدرسة......؟؟؟؟....

(2)

جاء الطبيب المحتال الى قرية مدعيا أنه يستطيع تقويم أي حدبة في الظهر وأن اي اعوجاج مهما كانت درجته يستطيع تقويمة مقابل مبلغ معين . جاء احدب القرية وعرض نفسه ودفع المبلغ المطلوب.

الطبيب المحتال وضع الأحدب بين خشبتين وربطهما معها وظل يقفز فوقه حتى انكسر ظهر الأحدب وزالت حدبته ، لكنه –طبعا- مات.

غضب الناس من الطبيب المحتال ، لكنه قال لهم بكل هدوء:

- أنا فقط اعالج تحدّب الظهر ، لكنني غير مسؤول عن الموت والحياة.

إحذروا من المصلحين المحتالين في جميع المجالات ، لأنهم لا يفعلون، الا كما يفعل هذا الطبيبب المحتال.


المراجع

جريدة الدستور

التصانيف

صحافة   مهند مبيضين   جريدة الدستور