تعرفون معظمكم قصة بقرة جحا ، وما كنت لأرويها لو لم تكن هذه البقرة وقصتها قد صارت نهجا ونبراسا للحكومات..أي حكومات،عابرة للعصور وللأزمان والأجيال والأماكن ...وتتناسل العبرة من هذه القصة تناسلا شيطانيا يسرقنا ويأكلنا أحياء في البحر الميت ، على رأي زميلنا المرحوم مؤنس الرزاز.

القصة وما فيها ، ان بقرة جحا قد جاعت فحاولت الهروب عن طريق القفز عن السياج، فوقعت ، وانكسرت رجلها ، وبما ان جروح الحيوانات نادرا ما تلتئم، فقد ذبح جحا بقرته ووزع لحمها وشحمها على أهالي الحارة. فتقبل الناس هذه الهدية بفرح وشكروا جحا على كرمه وطيبة نفسه.

صباح اليوم التالي ، قرع جحا بيوت جيرانه بيتا بيتا، مطالبا إياهم بالتبرع له من أجل شراء بقرة جديدة، فتبرعوا له خجلين . لكن جحا في اليوم التالي طالب الجيران بالتبرع له بثمن سياج عال لا تفكر البقرة بالقفز عنه.

في اليوم الثالث طالب جحا جيرانه بالتبرع له بثمن علف البقرة حتى لا تجوع وتفكر بالهرب بطريقة ما. وفي اليوم الرابع طالبهم بالتبرع له حتى يشتري ثورا يؤنس وحدة بقرته الحبيبة...وهكذا...

تناسلت هذه القصة حتى وصلت قصة تاجيل رفع سعر الكهرباء حتى نهاية ما يسمونه جدلا العرس الديمقراطي . وطالبتنا الحكومات وتطالبنا بقبول زيادات الأسعار في كل شيء ، وبفرض ضرائب متعددة وقوية جديدة ، وسمحت لتجارها وسماسرتها بمص دماء الناس ، أو بالأحرى ما تبقى من دمائهم ، ولم يبق ما يمصوه فيناء، غير ماء الوجه.

الفرق بين القصتين (بقرة جحا وبقرة الحكومات)ان سكان حارة جحا قد تدسموا من هبر وشحم بقرته ، لكننا لم نتدسم ولم نذق بقرة الحكومات ...لأنها قامت بتعليب لحمها وسوف ينزل للأسواق بأسعار خيالية.


المراجع

جريدة الدستور

التصانيف

صحافة   مهند مبيضين   جريدة الدستور