حينما كان وصفي التل يستدين من مؤسسة الاقراض الزراعي للانفاق على مزرعته التي اقامها في الحلابات الشرقية. وهي ارض صحراوية شرق سكة الحديد.. اين منها التراب النديّ في عجلون وجبال جلعاد.. وهو يقصد تشجيع الناس على اعمار الصحراء بالخضرة. فالمغاريب عامرة بالكروم والبساتين رغم انف من رغم.

فكر الرجل بالفوائد المترتبة على المزارعين الذين لا يستدينون من الاقراض الزراعي لشراء البذور واستئجار المحاريث ودفع اجور العمال فقط.. بل للانفاق على دراسة الأولاد وبناء غرفة اضافية او حوش في البيت.. واحيانا لدفع مهر العروس ومصاريف العرس.. ففي ذلك الزمن كانت الذبائح والمناسف اساس القًرا الذي يعقب ليالي السامر وليلة الدخلة.

اراد وصفي والمهتمّون بالزراعة في عصره ان يشركوا المزارع المستدين في عملية الاقراض والسداد وتنمية راس المال الذي ينفق على الزراعة والمشاريع الانتاجية في الريف والبادية فأنشأوا المنظمة التعاونية واصدروا القوانين الناظمة لاعمال الجمعيات التعاونية التي توسعت منفعتها لتشمل الصناع والحرفيين.. وذات حين ومنتجو الدراما التلفزيونية (من قياس نصف كم) كانوا يمتصون دمنا كتابا ومخرجين وممثلين ، فكرنا في تأسيس جمعية تعاونية للانتاج الاذاعي والتلفزيوني ينتظم في عضويتها جميع العاملين في المهنة.. لا اعرف كيف ماتت الفكرة وتفرق جمعنا.. ولكن مدير المنظمة التعاونية في الثمانينات من القرن الماضي شجعنا على التأسيس ووضع خدمات المنظمة تحت تصرفنا.

الآن تفكر الحكومة بالغاء المؤسسة التعاونية بعد ان تحولت بعض الجمعيات التعاونية الى اقطاع خاص لبعض الأفراد رغم رقابة المنظمة ومن خلفها وامامها ديوان المحاسبة الذي اتمنى على الله ان يكون له (في يوم من الأيام) ذراع الضابطية العدلية في الضرب على ايدي الفاسدين والعابثين بالمال العام والخاص.

نتمنى على اللجنة التي شكلتها الحكومة من عدة وزارات لدراسة شطب المؤسسة او المنظمة التعاونية ان تأخذ بعين الاعتبار عشرات الجمعيات التعاونية الناجحة والفاعلة في مجتمعها الزراعي والحرفي.. فالعفن الذي يصيب عدة تفاحات في الصندوق لا يستدعي رميه كاملا بل تنظيفه.


المراجع

جريدة الدستور

التصانيف

صحافة   محمود الزيودي   جريدة الدستور