وثّق الشعر الشعبي أحداثآ وقضايا لم يعنى بها المؤرخون الرسميون والمحايدون أيضآ ، فمن وصف الوقائع القبليّة زمن الحكم العثماني إلى توثيق بعض أحداث الثورة العربيّة الكبرى . ووصف بعض المعارك التي خاضها الجيش العربي في فلسطين ، حيث ابدع الشعراء الجنود برواية الأحداث حسب المشاركة والمشاهدة والاستماع . فأغلب الشعر الشعبي الأردني والعربي مروي غير مدوّن . مما احدث تحريفآ وتغييرآ في بعض الكلمات أو في صدر بيت الشعر أو عجزة ...... الشاعر الشعبي عبدالله اللوزي من أجود الشعراء الشعبيين وصفآ وتوثيقآ للأحداث خلال بدايات المملكة الأردنيّة الهاشميّة الأولى . ففي عام 1933 روى بالتفصيل حادثة مقاومة أحد المزارعين في الأغوار ( اليماني ) لمأموري الصحة المكلّفين بمراقبة تنظيف إحدى قنوات الري التي تمر بمزرعة اليماني . ولم يكن مر على خروج العثمانيين من المنطقة إلاّ ستة عشر عامآ ... فالموظفون وبعض العسكر لم يزالوا متأثرين بسلطة الباشجاويش الذي يعتبر نفسه منفذآ للقانون من باب ...... جوزك وان راد الله ....
كما هو الحال في مطلع قصيدة حسن الزيودي ( 1890 ) بلحن السامر :
الزيودي قال فن بالعداوين يوم لفن
طردهن للخيل سن مع سناين جندويل
يبدأ عبدالله اللوزي قصيدة بلحن سامر البلقا المعروف :
اللوزي سـوى مـثايل اوشد امن الهجن حايــل
حره ما اتداني الـزوايل شقحا وابوها اوضــيحان
طاحوا اجنود او ماموري صحية ع نية الغـــور
حتى ايتم المقدور يا ناس امر الله ما ايـوان
يا دمع عيني سكايــب الله مــن كبر المصايب
هذي المنايا سبايـــب لا يا مشــوار الهـوان
يصف الشاعر نزول عسكر مع مأموري الصحة إلى الغور معللآ الأمر للقدر الذي ساقهم نحو مزرعة اليماني الذي حلم قبلها بليلة أنه يتوسط بركآ ( جمع بركة ) من الدم . وهو يطلب إلى رفيقة ابو بشير ان يذبح له شاة فداء لما سيحدث . فالرجل متطيّر من الحلم . ويتوجّس شرآ من أحداث اليوم التالي .
رد اليمـانـي يقـولي:
غريب ما حــدا حولي
حلمت حلما يـــهول انـي بابـراك الدمّان
خويّي لا يا ابو ابشـيّر انا امن الحلم متحيـّـر
لم الرفاقه اوســـيّر واذبــح لي شاه تفداني
اما ذبيحة الفداء فهي طقس متوارث . جرى تفسيره على أكثر من وجه منذ أن نزلت الآية الكريمة التي تطلب إلى النبي إبراهيم علية السلام أن يذبح كبشآ فداء لقربان إبنه الذي حلم أنه يذبحه .... وَفَدَيْنَاهُ بًذًبْحْ عَظًيمْ . فقد اصبحت ذبيحة الفداء وفاء لنذر بعد ضيق شديد أو عودة غائب ميئوس من عودته . وفي الزمن الحديث يذبحونها عند إكتمال بناء البيت أو شراء سيارة دراء للحسد . والبعض يذبحها عندما يشتري قطعة ارض . وكان أجدادنا يذبحون ناقة عندما يشترون فرسآ أصيلة أو تتكاثر مواشيهم بالولادة عملآ بالحديث الشريف ( من كان له مال فلم يضح فلا يقربن مصلانا .. وقال مرة من وجد سعة فلم يذبح فلا يقربن مصلانا) ... وللحديث بقيّة .
المراجع
جريدة الدستور
التصانيف
صحافة محمود الزيودي جريدة الدستور