في عام النكسة (تخفيف الهزيمة أو النكبة) العربية عام 1967 استولى الجنرالات في اليونان على الحكم.. سقط منديل الملك جورج الاول من يده خلال نقاش مع أحد الجنرالات... انحنى الجنرال مجاملة ليلتقط المنديل... صرخ الملك... ارجوك يا سيدي... هذا الشيء الوحيد الذي استطيع دس أنفي فيه داخل اليونان...
شاعت الحكاية في الجزر فخرج الشعب الأغريقي لإبعاد الجنرالات وتأسيس جمهورية ديمقراطية يحكم رئيسها بواسطة البرلمان المنتخب...
أمضت تركيا عقودا من الزمن تحت ظل حكم الجنرالات بصفتهم حرس العلمانيّة التي زرعها مصطفى كمال اتاتورك (اخر معاركة في الناصرة زمن الامبراطوريّة العثمانية) لكي يضمها الى الغرب الأوروبي بعد أن حاول قطع جذورها الاسلامية باستبدال الحرف العربي بالحرف اللاتيني في لغتها... رضي حرس العلمانية بأوروبا شريكا في السلاح والتجارة والاقتصاد ولكن اوروبا لم ترض بهذه الشراكة (ما عدا التعاون العسكري زمن الاتحاد السوفييتي) فأوصدت الباب امام قبول تركيا عضوا في الاتحاد الأوروبي...
بعد عقود من الزمن والسؤال يطرح كل يوم... لمن الحكم ؟؟ للجيش ام لرئيس الجمهورية ورئيس الحكومة والبرلمان... وبدلا من خروج الدبابات للانقلاب على الساسة... تراجع الجنرالات 28 – 7 – 2011 في عملية انسحاب منظم الى منازلهم طالبين التقاعد... رئيس الأركان وقادة الجيوش البريّة والجويّة والبحريّة مرة واحدة لاحداث فراغ يحرج الحكومة التي أرسلت بأكثر من جنرال وضابط الى السجون ( 195) بعد أن أدينوا بتهمة التخطيط للانقلاب على حكومة حزب العدالة والتنمية المنتخبة من الشعب التركي... لم يسقط رئيس الحكومة رجب طيب اردوغان منديله امام الجنرال لاسماع احتجاجه كما في الحكاية اليونانية. بل سارع الى تعيين قادة جدد بدلا من المنسحبين... في أغلب اصقاع المعمورة. عندما يختلف العسكر مع الحكومة المدنية أو الشعب يكون مدفع الدبابة هو الفيصل... لم يزل ذلك المدفع مصوبا نحو الشعوب العربية المطالبة بالحرية والديمقراطية... هل يصمد أكثر من مدافع حرس العلمانية في تركيا ؟ ام سنفاجأ ذات صباح بانسحابه الى الهدف الأسمى لتشكيله وتسليحه؟.
المراجع
جريدة الدستور
التصانيف
صحافة محمود الزيودي جريدة الدستور