مع أول رشة مطر أفرحتنا بزيادة مخزون سدودنا التي نحصد فيها المطر على طريقة اجدادنا الانباط الذين لم يكونوا يملكون الجرافات والقلابات الضخمة .. فقد كان كل سد يبنى بسواعدهم .. زاد مخزون سدودنا في الرشة الأولى من هذا العام الى 72 مليون متر ماء مكعب حتى ان سد الموجب شارف على اكتمال سعته التخزينية ... وأسكنت الغبار عن شوارعنا ومنازلنا وغسلت زيتوننا على أشجاره ...
نحن من افقر بلدان العالم للماء .. حتى ان وزير المياه والري اوقف الزراعات الصيفية في الصيف الماضي لتوفير مياه الشرب من السدود .. فقد تضرر المزارعون في وادي الاردن من هذا القرار وبدأوا البحث عن عمل اخر يسدون به رمق الاسرة ومصروف الأولاد الى المدرسة .. ولم يزل قرار الوزير مرهوناً بتحسّن مخزون السدود ولهذا يفرح الغوارنة كلما شاهدوا غيوما في السماء ...
هذا الاسبوع بشّرتنا وزارة المياه والري باكتشاف أربعة أحواض ماء جوفية عميقة في المملكة ... أربعة أحواض ... ليس حوضاً واحداً في الديسة والطويسة والمدوّرة الذي نحاول جر مياهه إلى عمان بعد إن استنزفت منه شركات الإنتاج الزراعي الكثير وهي تزرع في ارض استأجرتها بتراب المصاري . وصدّرت إنتاجها إلى الخارج وتركت فائضه من البرارة في السوق المحّلي... اما مشروع جرّ مياه الديسة وليس الديسي كما يشاع في وسائل الاعلام فلم ينقصنا الا ان يكون قضية في المحاكم بعد ان تعبت هيئة مكافحة الفساد بمراجعة 88 الف مستند واستعانت بالأجهزة الامنية وسجلات البنوك لاستعادة الوثائق المدمرة بصورة عفوية او بفعل فاعل كما يذكر الباشا سميح بينو رئيس هيئة مكافحة الفساد ...
لا ننسى ان تكلفة دراسة جدوى تنفيذ مشروع جر مياه الديسة بلغت حوالي اربعين مليون دينار ... وزارة المياه والري كلفت إحدى الشركات بحفر بئر تجريبية في احد الاحواض الاربعة المكتشفة حديثاً بعمق الف متر لاستخراج الماء وفحص مدى ملاءمته لأغراض الشرب بكلفة تبلغ مليون دينار للبئر الواحدة .. ولو حفرت الوزارة عشرين بئراً موزعة على اربعة احواض فأنها لن تنفق الرقم الفلكي المنهوب من مشروع جر مياه مشاريق وادي رم الى عمان ... واذا لم تكن تلك المياه الساخنة (كما تتوقعها وزارة المياه والري ) صالحة للشرب .. فهي ستكون صالحة للزراعة .. ولا نعتقد ان عملية معالجتها لتكون صالحة للشرب بكلفة معالجة محطات التنقية التي اصبحت مياهها مصدر عيش لكثير من المزارعين حول مسارها من الخربة السمرا الى وادي الزرقاء .. فالارض كلها خضراء بالذرة والبرسيم لأعلاف الحيوانات بالاضافة الى الاشجار المثمرة ومنها الزيتون ... احفروا البئر ولو بمليونين من الدنانير فنحن ننتظر الماء من الارض والسماء.
المراجع
جريدة الدستور
التصانيف
صحافة محمود الزيودي جريدة الدستور