في منتصف الثمانينيات من القرن الماضي كنت أكتب الجزء الثاني من مسلسل أبو عواد بعد نجاح الجزء الأول منه على شاشة التلفزيون الأردني . زارني موسى حجازين في دائرة الثقافة والفنون باللويبدة . كان قد تخرج حديثاً يتأبط بكالوريوس الموسيقى من المعهد العالي بالقاهرة . كانت زيارته لأغراض الموسيقى الشعبية وأنا رئيس قسم الفنون الشعبية في الدائرة ؟ أخبرني أن لديه موهبة في التمثيل وقام بأداء حركة دخلت مشطي . على باب رابطة الفنانين التقينا نبيل المشيني منتج حارة أبو عواد وبطلها . قدمت له موسى واخبرته اني أرى فيه طاقة ابداع تستحق التجربة . وأنني سأكتب شخصية تلائمه في الجزء الثاني وهكذا ظهر اسماعين (سمعه ) صاحب المقهى في الحارة .

فيما بعد فرّخت الحارة نجوما في الكوميديا والنقد الاجتماعي والسياسي في المسرح والتلفزيون . منهم موسى حجازين ... كلما سئل عن بداياته تواضع وقال قدمني محمود الزيودي في حارة أبو عواد . وقد عرف موسى فيما بعد اني كنت جندياً في قوات البادية عندما قدمني الصحفي المخضرم توما الهزو للمرحوم هاني صنوبر رئيس أسرة المسرح الأردني عام 1971م . عرضت لي مسرحية الضباع وانقلب اتجاهي أكثر من مائة درجة . دأبت على مشاهدة أعمال موسى التلفزيونية معجباً بالهموم التي يطرحها . يمزج الفلكلور بالدراما . يخترع المفردات واللباس الذي يدل على الشخصية الكركية من الطبقة المتوسطة ... حزام مع شبرية ... ويش أدّك يا مسمسم ؟ ... يميل العقال والكوفية على جانب رأسه معنقرا على طريقة شباب الخمسينيات من القرن الماضي . يختار نصوصه التلفزيونية والمسرحية بعناية وتفحّص . كانت له تجربة متميزة مع المهندس الكهربائي الكاتب والمخرج محمد الشواقفة .. حصدت هذه التجربة أكثر من عشر مسرحيات ومسلسلات .

أما مسرحياته التي يقف معه بها كتاب ومخرجون فقد كنت ولم ازل انتظر فترة طويلة حتى ينضج العرض برأيي ثم أذهب الى المسرح وأعانق أبا خليل بعد العرض وأحياناً أكتب عنه . دأبت الحكومات المتعاقبة على وضع الثقافة والأدب والفن في نهاية سلم أولوياتها ولكن حضور جلالة الملك عبد الله الثاني وجلالة الملكة رانيا العبد الله للعرض المسرحي ( أنا فهمتكم ) يعتبر تكريماً لكل الفنانين الأردنيين . ولعل موسى يتذكر معي اجترارنا لذكريات الطفولة وتقليده للأب الذي كان يقاتل بشراسة للانفاق على العائلة ويستنكر ان يزيد مصروفنا اليومي عن تعريفه (خمسة فلوس ) ... ليس الابداع دراسة وشهادة . بل هو اجتهاد شخصي وموهبة أنعم بها الخالق سبحانه وتعالى على عباده ...


المراجع

جريدة الدستور

التصانيف

صحافة   محمود الزيودي   جريدة الدستور