هناك سبعة اشهر تفصلنا عن البازار السنوي للدراما العربية (شهر رمضان ) ... قبل عبور الارسال التلفزيوني للقارات عبر الاقمار الصناعية . كانت المحطة الأرضية لكل بلد تفرض على مشاهديها ما يتوفر من غث وسمين حسب القوة الشرائية للمحطة أو وزارة الاعلام ...كانت محطات الخليج الغنيّة قبلة أنظار المنتجين والفنانين حتى أن رمالها أصبحت مسرحا كبيرا لإنتاج مسلسلات بدويّة في الدرجة الأولى يليها التاريخيّة حسب شروط رقابيّة صارمة لم يزل المعمّرين من الكتّاب والمنتجين يحفظون بنودها الخمسة عشر .
على سبيل المثال تحظر جملة ... أنا داخل على الله وعليك . ويجب أن تحشر مفرده ( ثم ) بين لفظ الجلالة وبين عليك رغم أنها في واقع الحياة تتكرر على ألسنة الناس من الأمير الى الخفير ... أنا داخل على الله وعليك . ولكن ظهورها في وسائل الاعلام أدى الى يقظة الرقيب فقام بصياغتها اعتمادا على مخزونه واجتهاده . حينما بدأ البث الفضائي أصبحت المنافسة على أشدها لاستقطاب المشاهدين ابتداء من سواحل موريتانيا الى سواحل الفجيره ورأس الخيمة ... أصبحت شركات الاعلان قاسما مشتركا في كل مسلسل فالبضائع الاستهلاكية عابرة للقارات كما هو حال البث الفضائي وكل شركة تريد اغراء المستهلك بشراء انتاجها ليستمر عملها وتتضخم ثروتها ... انتبهت العقول التجاريّة في احدى الفضائيات الكبرى الى حاجة الصائم للتسليّة وقتل الوقت بين شروق الشمس وغروبها ... بدأت بانتاج مسلسلات الثلاثين حلقة على مقاس الشهر واضطرت الفضائيات الاخرى لمجاراتها حتى تلاشت مسلسلات الثلاثة عشرة حلقة المصممة لدورة برامجية مدتها ثلاثة أشهر . وتكيّف الكاتب والمنتج مع القياس الجديد ... في كل رمضان يتزاحم على الفضاء التلفزيوني عشرات المسلسلات حتى أن المشاهد يصاب بلخمة مزدوجة وهو يتنقل بين أكثر من مائتي محطة تعرض الدراما ... اختلطت البرامج الدينية الواعظة والآذان المنقول مباشرة مع مشهد حب في المسلسل وأغنية شبه ماجنة ترافق الاعلان عن القهوة والشاي والصابون والعطور وأدوات التجميل ...
في هذا العام 2012 وحتى هذه اللحظة لم تظهر بوادر التحضير للبازار القادم بسبب حركات الاحتجاج التي بدأت ولم تنته في الساحتين المصريّة والسوريّة وهما قطبا صناعة الدراما الضخمة في العقدين الماضيين ... والغريب أن الساحة الأردنية الهادئة لم تتحرك في انتاج الدراما حتى أن صندوق الملك عبد الله الثاني للتنمية بادر الى تحريك عجلتها مساهما في انتاج أكثر من مسلسل . وهي خطوة تحسب لجلالة الملك دون غيره . فهو صاحب الولاية على الاردنيين ... سياسيين وحراثين وفنانين .
المراجع
جريدة الدستور
التصانيف
صحافة محمود الزيودي جريدة الدستور