رئيس المانيا الشرفي كريستيان فولف 52 سنة أوجع رأس المستشارة انجيلا ميركل مرتين ... الاولى عندما حاولت حشد الصفوف الانتخابية في ثلاث جولات تحدث للمرة الاولى في تاريخ المانيا منذ الحرب العالمية الثانية عندما امتنع المتمردون من ائتلاف حزبها على اعطاء مرشحها الاغلبية المطلقة فقد أصرّت صاحبة الابتسامة الدائمة على نجاحه لتعزيز مركزها السياسي في الحزب والحكم .

وجع الرأس في المرة الثانية جاء بعد اشاعات تناقلتها الصحف الاوروبية عن علاقات فولف وهو رجل قانون مع مستثمرين أثرياء أقرضوه ... نقول أقرضوه ولم يمنحوه مالا لبناء منزل له ... ودلّلوه بالانفاق على عطلات الراحة والاستجمام معهم ... في القصور أو اليخوت أو الشواطئ المنعزلة عن الفضوليين ... هذه الحالة يقابلها عندنا غداء أو عشاء مناسف لحم بلدي مع كنافة وفواكه ... امسك المدعي العام الالماني بخيوط الاشاعة من الصحف والمواقع الالكترونية ... نقول المدعي العام لأن هيئة مكافحة الفساد غير موجودة في اوروبا بما في ذلك اليونان التي تعاني من الفقر والبطالة ... فالقوانين عندهم تغطي جميع المخالفات المرتكبة ابتداء من مخالفة سائق السيارة وانتهاء بمخالفة رئيس الدولة ... والبرلمان في تلك الدول يؤدي واجبه الاساسي في التشريع والمراقبة وهو غير معني بعمل القضاء والشرطة الا من باب الاطلاع ... اسفرت تحقيقات المدعي العام عن مخالفة رئيس الدولة للدستور والقوانين لدرجة ملاحقته جنائيا ... بسبب اقتراضه من الاثرياء وقضاء عطلاته الترفيهيّة على نفقتهم ...

اما التهمة الثانية فهي الاساءة الى حرية الصحافة في بلاده وهي تهمة مشكوك في الصاقها به لأن اصغر الصحافيين وأكبرهم شأنا في اوروبا قادرون على مرمطة المستشارة ميركل والرئيس الشرفي فولف دون ان يتعرضوا لأية ضغوط اللهم ساحات المحاكم ... فولف لم يختلس الملايين ولم يبع أصول شركة مرسيدس بنز مقابل عمولة تودع في البنوك السويسريّة ... لم يحوّل مجرى نهر الدانوب لتعطيش الشعوب حول مجراه ... فهو اعجز من ان يفعلها لأنه رئيس فخري لا يملك السلطة التي تملكها المستشارة ميركل والذين اقرضوه لبناء منزله يعرفون انه لا يحل ولا يربط ولا يمون على تعييين موظف او وزير ... ومع هذا فانحراف الرجل شكل جريمة لأنها تمس بشخصية الموظف العام الذي يأخذ راتبه من دافعي الضرائب في بلده .. وقد تقرّب للأثرياء في زمن تضج جوانب اوروبا وأمريكا بالغضب من رأس المال العابر للقارات الذي ضيّق على الناس معاشهم وأخذ منهم بيوتهم في بعض الاحيان .. كل هذا جعل المدعي العام يطلب من البوندستاغ ( البرلمان الالماني) ان يرفع الحصانة عنه تمهيدا لمحاكمته ... لم يتشبث فولف بالكرسي انتظارا للفلفة القضية بواسطة المحامين بل استقال فوراً بسبب اشاعات في الصحف تحولت الى قضية في أوراق المدعي العام .


المراجع

جريدة الدستور

التصانيف

صحافة   محمود الزيودي   جريدة الدستور