جاء ابو عبد الله الضيغمي من عرضا عبّاد الى السلط مطلوبا ً لدفع غرامة أحراش ... قابل صدقي القاسم قائد درك السلط يرجوه أن يمهله الى الوقت المناسب لبيع محصوله ودفع الغرامة ... كان صدقي القاسم يبحث عن أي عبادي يعرف منازل ابو يامين ... فالباشا أبو حنيك ( جون باجيت كلوب ) طلب تجهيز قوة لمرافقته الى داميا حتى يفتش منازل مبارك ابو يامين بعد أن وردته طلبات المندوب السامي البريطاني في فلسطين ... فوجئ الضيغمي بصدقي القاسم يطلب منه الاسراع الى داميا بأي وسيلة لأنذار أبو يامين بحملة ابو حنيك حتى يخبئ ما لديه من اسلحة للثوار الفلسطينيين ... طيب والطلب يا بيك ؟ الغرامة ممكن تتأجل ؟ ... أجابه صدقي القاسم ... الغرامة علي أنا اذا قدرت تصل ابو يامين قبل الظهر.

خرج الضيغمي العبادي يتجول في سوق السلط فوجد عبادياً اخر يحذي فرسه عند البيطار ... ركب الفرس وأرخى عنانها من السلط الى النبي يوشع ثم داميا ... كان أبو يامين يقدم المناسف لبعض الضيوف من الثوار ... سأل الضيغمي ... حذير ولاّ نذير ؟ ... أتيحت الفرصة لأبو يامين أن يعيد سخرية عرار مصطفى وهبي التل من فريدريك بيك باشا في الشوبك قبل عشرين عاماً ... لا بأس من اعادة رسم صورة استقبال مدير ناحية الشوبك المحمية بإذن رب البرية لمفتش الدرك العام الذي جاء للقبض على الثائر الفلسطيني عيد الصانع .

لبس ابو وصفي العباءة فوق جلده ووضع العقال على رأسه بلا كوفية واستعمل حبلاً تالفا ًعلاّقة ً للسيف ووضع فردة نعل واحدة في قدمه ... لم ينهض مبارك أبو يامين من مجلسه عندما جاء كلوب الى مضافته ... زادت السخرية عندما ظهر المشرجي العبادي يحمل مكنسة البلاّن على كتفه مثل البندقية وهو يؤدي التحية لأبي حنيك الذي بالغ مع عسكره في التفتيش عن الأسلحة والثوار الذين خبأهم أبو يامين في حرشة أبو الزيغان الشائكة بالأشجار والنباتات ... أما الأسلحة فقد كانت تحت فراش الرجال في المضافة ... اتسعت ابتسامة صدقي القاسم وهو يتلقى أوامر الباشا بالعودة الى السلط ... علّق أبو يامين أن هذا التفتيش المفاجئ أعجل ضيوفه عن غدائهم ... ولحذره الزائد أمر بنقل الأسلحة والغداء الى الثوار في حرشة أبو الزيغان ومن هناك سيعبرون النهر الى فلسطين ... ذكر لي الذين سمعوا من معاصري ذلك الزمن أن الضيغمي لم يدفع غرامة الأحراش ولم يطالب بها فيما بعد .

وفيما بعد ايضا ً جاء فوزي القاوقجي يقود رتلا ً من المناضلين لعبور النهر قبيل انتهاء الانتداب البريطاني على فلسطين ... استنفر أبو يامين كل العبابيد حوله من الحجاحجة والنعيمات والياصجين لتسهيل عبور القاوقجي ورجاله الى الضفة الأخرى؛ ما أثار دهشة وغضب الباشا ابو حنيك في جبل عمان والمندوب السامي البريطاني في القدس ... وفيما بعد ايضا ً عبرت النهر سرية هارون ابن جازي قادمة من اذرح والجربا انتزع اغلب سلاحها الملك المؤسس عبد الله الأول بن الحسين من حرسه الخاص ... وسرية بركات الطراد الخريشه التي موّلها التاجر في عمان ابراهيم منكو وسميّت باسمه ... وللحديث بقية


المراجع

جريدة الدستور

التصانيف

صحافة   محمود الزيودي   جريدة الدستور