في حفل افتتاح مؤتمر عدم الانحياز بالهند ذات مؤتمر وانديرا غاندي تشرح الظروف الدولية لعدم الانحياز بغياب جمال عبد الناصر وجواهر لال نهرو وشيخوخة جوزيف تيتو ... انسحب فريق أهم محطة أخبار عالمية في ذلك الزمن (CNN) من حفل الافتتاح وذهب لتصوير ولادة فيلة هندية على الهواء مباشرة ... كانت حجة مدير الاخبار أن الامريكيين لا يهتمون لدول عدم الانحياز ولا لكلمات الافتتاح والختام في مؤتمرها بقدر ما يهتمون ويفرحون لولادة الفيلة التي لا يشاهدونها الا في حديقة الحيوانات وفي بعض برامج التلفزيون ... حالياً وفي فضائنا المفتوح رصدت بعض محطات الأخبار التلفزيونية التي تبث من أمريكا وأوروبا وهي على الأغلب حرَة نسبياً وغير مملوكة للحكومات ... أقدمها هيئة الإذاعة البريطانية التي بدأت على أثيرنا في الثلاثينات من القرن الماضي باسم اذاعة الشرق الأدنى في القسم العربي تصدرت نشرة الأخبار التلفزيونية أحداث القتال في سوريا ولبنان والمخيمات ورأي المعارضة في الداخل والخارج ... وتعليقات لجنرالات عرب خسروا معاركهم وجلسوا يثرثرون على كراسي التقاعد بانتظار دعوتهم لتولي وزارة أو سفارة ...
في القسم الانجليزي للمحطة اياها ... تصدرت نشرة الأخبار محاكمة النرويجي أندريس بريفيك الذي قتل 77 شخصاً من أبناء بلدة في تفجير عمارة في العاصمة أوسلو ومهاجمة مخيم صيفي لشباب حزب العمل ... رافق الخبر بث صور من الأرشيف عن المجزرة ووقائع المحاكمة ...الخبر الثاني عن الازمة الاقتصادية في اليونان واسبانيا والخبر الثالث عن الشد والجذب بين اسرائيل وأمريكا من جهة وبين ايران من جهة أخرى بسبب البمبة النووية الايرانية ... على محطة (CNN ) تصدرت الأخبار صراع الجمهوريين والديمقراطيين على الرئيس القادم . تلاه خبرمقتل جندي أمريكي في أفغانستان ثم التحفظ على أموال مؤسسة يشتبه أن لها علاقة بحزب الله في لبنان ومثلهما جميع محطات التلفزيون الأوروبيَة الناطقة بلغات بلادها ... في نفس الوقت كانت الصور تأتي من سوريا أبشع ما تكون بالقتل والتدمير بالاضافة لسوء حال اللاجئين السوريين في تركيا والاردن والعراق الذي لم تعد تفجراته اليومية مثار اهتمام الإعلام الأمريكي بعد مغادرة جنود المارينز أرضه ... في حرب فيتنام حاول الرئيس الأمريكي جونسون ومن بعده نكسون الضغط على الإعلام الأمريكي للحد من تدفق صور القتل والدمار التي انتقل القلق بسببها من البيت الأمريكي إلى الشارع الاوروبي الذي استضاف مئات الجنود الأمريكيين الهاربين من التجنيد ... هددت الشركات الامريكية الصانعة للسلاح بوقف أعلاناتها في الاعلام اذا لم يذعن لطلبات الرئاسة فهي المستفيدة من استمرار الحرب ولكن الإعلام استمر بالتغطية حتى مذبحة ماي لاي التي ارتكبها جنود أمريكيون بحق سكان قرية فيتناميَة.
في حروب الخليج وأفغانستان ساعد الإعلام على انتاج دراما مبهرة سينما وتلفزيون تمجد بطولات الابيض المتحضر ضد همجية الشرق وإرهابه ... ترى لو شاركت كتيبة أمريكية و كتيبة أوروبية في أحداث سوريا هل تتغير الصورة ؟؟؟ لاشك أن جثث السوريين ستكحل عيون الغربيين صباحَ مساء ... بعدها سيطلب الشارع الغربي من حكوماته إنهاء المجازر السورَية كما حدث في ليبيا او العراق ... أي ضمير للعالم هذا ؟؟؟
المراجع
جريدة الدستور
التصانيف
صحافة محمود الزيودي جريدة الدستور