دعونا نقرأ التاريخ من جديد ... قبل أن تنتهي الحرب العالميّة الثانيّة . كان قطبي القوة . الاتحاد السوفيتي وحلفاء عقيدته من جهة . والولايات المتحدة والعالم الرأسمالي من جهة أخرى . كانوا يحفرون الأنفاق وينصبون المصائد لبعضهم البعض ... قام الشيوعيون بجر الأمريكان الى مستنقع فيتنام وأغرقوهم فيه لمدة واحد وعشرين عاما ً ... خسارة أمريكا في الأرواح والمعدات والأسلحة تعادل ان لم تفوق خسارتها في الحرب الكونيّة الثانية .

سياسيا ً سقط الرئيس ليندون جونسون الذي جاء الى البيت الأبيض على جثة جون كنيدي وكان مصير خلفه ريتشارد نيكسون اسوأ من السقوط ... لم تخسر الصين والاتحاد السوفييتي جنديا ً واحدا ً . كل ما فعلته أنها فتحت منابع السلاح للفيتكونغ الذين احتموا بالغابات لصيد جنود العم سام . ضجت أمريكا بالاحتجاجات وهرب شبابها الى أوروبا تفادياً للتجنيد والذهاب الى المصير المحتوم في فيتنام.

خرج العم سام من فيتنام كسير الجناح ... توحّدت فيتنام دون أن يثأر شمالها من جنوبها ... بعدها بستة أعوام قرر الأمريكان أن يأخذوا بالثأر من السوفييت . نصبوا الفخ في أفغانستان . لم تتغير الصورة كثيراً عما حدث في فيتنام ... عسكر الكرملين بالدبابات والطائرات جاءوا لحماية الثورة الاشتراكية في بلد اسلامي محافظ أكثر من أي بلد اسلامي آخر ... استعان الأمريكان بالمجاهدين العرب ( لطرد الملحدين من ديار المسلمين ) فنفروا خفافا ً ثقالا ً وحرروا كابل قبل أن يحرروا القدس ... لم يخسر السوفييت الحرب فقط ... بل خسروا التنظيم العقائدي الذي قامت عليه امبراطوريتهم حتى أن الأحزاب الشيوعية في العالم انكفأت تلعق جراحها بعد الجلاسنوست والبيروسترويكا .

في الوسط ... بين حرب فيتنام وحرب أفغانستان نصبت للعرب مصيدتان أطبقتا على الهدف ... الأولى أصابت جمال عبد الناصر بالعمى المؤقت فاندفع بجيش من الشيكولاته ( التعبير لعبد المنعم رياض ) لقتال الاسرائيليين فخسر الحرب وخسرنا الأرض رغم الخضوع لضغط الغرب ومصارحة اسرائيل ... الثانية نصبت لصدام حسين المزهو بالنصر بعد حربه مع ايران ... هاجم الكويت ثم خرج منها الى القبر بعد تمزيق العراق وتجويع شعبه .

الآن في سوريا من يصطاد من ؟؟ هل يثأر الروس لهزيمة عسكرهم في أفغانستان فيمدون نظام الأسد بالمعدات مشاركة مع ايران لإرهاق الطرف الاخر . وأمريكا جزء منه وعلى الأطراف دول ثريّة كان الوصول الى مياهها الدافئة من أحلام بطرس الأكبر وستالين وخروتشوف ... أم هو العكس تماما ً ... امداد الثورة السوريّة بما يبقيها واقفة على قدميها لاستنزاف النظام ومناصريه في طهران وموسكو وربما بكين...

في جميع المصائد كانت الشعوب هي الضحيّة .. في فيتنام وفلسطين والعراق وأفغانستان وسوريا ... لنتذكر أن فيتنام لم تلحق بدول جوارها اقتصاديا ً حتى الان وأن فلسطين لا تحسد على حالها والتفاصيل تغثي النفس ... وأن العراق تمزق من الداخل أكثر من أي بلد عربي اخر ... لا تسألوا عن سوريا فالحرب لم تنته بعد حتى تجف منابع أدوات القتل في الخارج .


المراجع

جريدة الدستور

التصانيف

صحافة   محمود الزيودي   جريدة الدستور