قبل ان يجفلنا وزير النقل والطاقة والثروة المعدنية المهندس علاء البطاينة برفع اسعار الكهرباء في المرحلة المقبلة وعلى كافة القطاعات ... كنا قد بدأنا تدريباً لوجستيا ً على تخفيف استهلاك الكهرباء في بيتنا لانقاص قيمة الفاتورة الشهرية لتكون قريبة من قيمة فاتورة العام الماضي .

ابتداءً شكرنا جمهورية الصين الشعبية لاختراعها لمبات توفير الطاقة بأسعار معقولة مقارنة مع استهلاك المصابيح العادية وكشّاف ال 200 واط لإنارة الحوش أمام الزائرين ... استبدلنا جميع المصابيح بأخرى توفر الطاقة ... اقتصرت الاضاءة على غرفة الجلوس وقررنا انارة المطبخ في وقت استعماله فقط .

أجلنا زيارة صديقنا ابو اسماعيل وعائلته اكثر من مرة بحجة انشغالنا ... مرة بزيارة ومرة بالتسيار على عرس الأقارب ... ومرة بحجة وجود ابن التوجيهي في منزلنا ... اتفقنا مع صالح أن يطالع دروسه ويجري اختباراته في النهار اعتمادا ً على نور الشمس ومن ثم يغمض عينيه للنوم بعد غروب الشمس ... ذات فجر ضبطته والدته يطالع دروسه على نور لمبتين من لمبات توفير الطاقة ... احتج أن فترة نهاية الليل هي الفترة المناسبة للدراسة ... فتح الكمبيوتر واختار مواقع من الانترنت لاقناع والدته أن العباقرة العظماء كانوا يدرسون ويكتبون ويبدعون قبل الفجر ... بدأ العداد يضيف ارقاما ً لاستهلاك لمبتين وكمبيوتر مع شواحن الهواتف واضاءة الممرات وغرف النوم على العائلة التي استيقظت على النقاش المرتفع بين الأم التي همها توفير استهلاك الكهرباء وطالب التوجيهي الذي يطمح لعلامات توصله الى الجامعة ... هدأ الضجيج وأطفئت الأنوار بعد أن لبس صالح معطفه وخرج الى الشارع للدراسة على نور البلدية الذي لا ينطفئ الاّ بعد شروق الشمس ... بصعوبة تدربت الأم على استخدام يديها بدلا ً من الفرامة والخلاطة الكهربائية ... خلعنا سخان الماء الكهربائي وبعناه لتاجر الخردة الجوال ونصبنا على السطح سخّان شمسي ... أقنعنا بائعه انه يزوّد البيت بالماء الساخن لمدة أربعة وعشرين ساعة اذا سطعت عليه الشمس ساعة واحدة ... في المساء و في اول ليالي المربعانية صرخ احدهم في الحمام ... الميّه باردة مثل الثلج ... قلنا له ان ينتظر حتى تسطع الشمس على المرايا في الغد ... بالنسبة للتلفزيون وتوابعه قمنا بوضع برنامج للمشاهدة ساعتين في النهار وساعتين في الليل ... وحدها الثلاجة التي تدللت ولم تنقطع الكهرباء عنها ... مع كل هذا فاجأنا جارنا الموظف المتخصص بالاقتصاد وطرح نظرية مقلقة ... اذا كانت أسعار الكهرباء سترفع على القطاعات كافة كما يبشّر وزير النقل والطاقة والثروة المعدنية ( لاحظوا اندماج الحقائب في حقيبة واحدة ) فإن مصانع الألبان وما يتبعها من اغذية ومتاجر المجمدات سترفع اسعارها وتحمّل الفرق باستهلاك الطاقة للمستهلك ... وبيتنا مثل كل البيوت مستهلك لعلبة لبنة وعلبة رايب ودجاجة مجمدة أو فخذة خاروف استرالي مثلجة ... هل نسينا فرن الأوتوماتيك الذي يعجن ويخبز على الكهرباء ؟؟... اذا كنا نشتري رغيف الخبز بسعر مدعوم ... فهل نستغني عن رغيف خبز قمح أو حبة كعك أو رغيف خبز شراك لمنسف الجمعة التقليدي الذي اقتصرت محتوياته على رغيفين وكيلو أرز ودجاجة ؟؟ ... سألت جارنا المتخصص بالاقتصاد ... الى متى ؟ ... ملأ رئتيه بالهواء ثم زفر وقال ... ننتظر حتى ينبثق البترول من حمرا حمد أو نستخرجه من الصخر الزيتي أو نوّلد الكهرباء من قناة البحرين ... سأل جار آخر انضم الى جلسة الحوش ... هذا شئ يبعث على الأمل ... ولكن هل هم ساعون بهذه الأمور ؟


المراجع

جريدة الدستور

التصانيف

صحافة   محمود الزيودي   جريدة الدستور