لم يتعرض تجمّع عربي فني للإنقسام خلال ثورات الربيع العربي مثل الفنانين السوريين .... في تونس التي ايقظت الربيع العربي لم تتح الفرصة للفنان التونسي أن يقول رأيه ... جاء التغيير خاطفا ً قبل أن يفكر الفنان بإتخاذ موقف وقبل ان يستوعب كلمة الان فهمتكم التي خرجت من فم زين العابدين بن علي ... في ليبيا انكتم الفنانون في العاصمة طرابلس والبعض منهم أذعن لطلب دولة القذافي لإعلان التأييد في التلفزيون .
أما فنانو الشرق والجنوب فقد حملوا السلاح مع بقية الثوار قبل ان يصّرحوا برأيهم ... تكلمت البندقية قبل أن يتكلم حاملها ... في مصر وخلال حركة التغيير أعلن فنانون وفنانات عن مساندتهم للرئيس السابق حسني مبارك وأعلن اخرون عن مساندتهم لثورة ميدان التحرير ... تحدثوا في الإعلام والبعض انضم لاعتصامات الميدان وبقوا أحراراً على التراب المصري ... لم ينتقم النظام الجديد من اي كاتب او فنان بسبب رأيه والشيخ الذي اتهم فنانة بالدعارة تراجع معتذرا ً بعد أن تيقن من كسبها للدعوى التي اقامتها عليه في المحكمة .
في سوريا انقسمت الحركة الفنية على نفسها قبل وبعد تمزيق حنجرة الفنان الشعبي السوري ابراهيم قاشوش في حماه ... حينما وقّعّت منى واصف على بيان حليب أطفال درعا . انطلق عليها عش الدبابير من زملائها الفنانين والمنتجين أنفسهم ... طالبوا بسحب جنسيتها واسترداد وسام الجمهورية الذي تلقته تقديراً لمسيرتها ... ولكن النظام لم يجاريهم وبقيت منى واصف تذهب الى عملها وتعود الى بيتها .
فيما بعد هاجر مجموعة من الفنانين السوريين الكبار الى مصر كما هاجر اجدادهم أمثال يعقوب صنوع وبديعه مصابني وأسمهان وفريد الأطرش وغيرهم بحثا ً عن الحرية في الإبداع وبعيدا ً عن وطن متزمت بأثقال المحافظة العثمانية ... وفاء سلطان ... سلاف فواخرجي ... باسم ياخور ... باسل خياط ... مصطفى الخاني ... جمال سليمان ... ايمن زيدان ... عباس النوري ... الليث حجو ... تعاطفوا مع الثورة السورية وأعلنوا تاييدهم للثوار من القاهرة والبعض منهم استنكر انقسام الشعب السوري بين معارضة مسلحة ونظام أكثر تسليحاً .
مرة اخرى انطلق عش الدبابير من فنانين دمشق الذين يحاولون تسليك عجلة الانتاج الدرامي وسط الفوضى ولعلعة الرصاص والانفجارات ... أعلن المنتجون مقاطعتهم للقنوات الفضائية التي تبث انباء وصورا تسئ الى النظام الرسمي وهم يعلمون جيدا ً أن تلك القنوات هي السوق الرئيسي لشراء بضاعتهم ... دريد لحام أعلن تاييده المطلق لبشار الأسد وحدّد واجب الجيش السوري بحماية الشعب وليس بالحرب مع اسرائيل ... أغرب ما في الأمر هو طلب فناني الداخل تجويع زملائهم الذين هاجروا الى مصر وذلك بعدم توفير فرص العمل لهم ... أدرجوا اسماءهم في لائحة أطلقوا عليها اسم قائمة العار ... وقد كانوا قبل الأحداث فخرا ً للحركة الفنية السورية ومجدا ً تتباهى به سوريا ... سبحان مغيّر الأحوال...
المراجع
جريدة الدستور
التصانيف
صحافة محمود الزيودي جريدة الدستور