لو عاش سلفادور دالي في زمننا هذا ووطننا العربي هذا لعجز عن اكمال احدى لوحاته السريالية التي رسم مثلها بين مدريد وباريس ... المشهد أكثر من غائم واكثر من سريالي والوجع بالألوان ... لم يبق على المواطن العربي وهو يشاهد شلال الدماء كل يوم . الا ّ أن يستمع الى حرب أئمة المسلمين من على منابر المساجد وشاشات التلفزيون .... كل مخابرات العالم التي تفتح عيونها واذانها شرق المتوسط وكل اجهزة الاعلام تحدثت عن مشاركة قوات من حزب الله في سوريا وفي المقابل جاء كل المجاهدين وادعياء الجهاد من كل بقاع المعمورة للقتال في بلد تعمه الفوضى ويختلط فيه الحابل بالنابل .

اعتراف السيد حسن نصر الله بوجود عناصر من حزب الله في سوريا اثار حفيظة رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين فأفرغ ما في جعبته من شتائم في صلاة الجمعة ليسمعه ملايين المسلمين الذين كثيرا ً ما يتقون أخطاءهم بفتوى أو حديث لمثل القرضاوي أو نصر الله او غيره ... من المفردات التي تبعث على الدهشة قول الرجل ... حزب الشيطان ... حزب الشر ... حزب الطغيان ... وأضاف إن من بقي في الجيش السوري ملعون من الله والملائكة والناس اجمعين .

على الجانب الاخر تصدى اكثر من مشروع عالم دين لألفاظ القرضاوي وكال له الصاع صاعين .... لو كانت هذه القذائف الكلامية بين الناطقين السياسيين والعسكريين لطرفي النزاع في سوريا لبلعناها وقلنا القوم تخرجوا في مدارس الدعاية السياسية والحربية في روسيا وأوروبا وأمريكا والحرب سجال ... أما أن تكون من علماء دين يشار لهم بالبنان ذات حين ويحترمهم الأتباع والمريدون الذين تأثروا ببعض مواقفهم العاقلة فتلك مصيبة تعادل مصيبة الدم الذي يسيل في سوريا والعراق وليبيا ... تعظم المصيبة حينما نعرف أن القرضاوي رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الذي تأسس عام 2004 وينوب عنه العلامة الشيعي محمد واعظ زادة الخراساني و شيخ الاباضية أحمد الخليلي وشيخ السنة عبد الله بن بيّه ... وفي المقابل نعرف مذهب السيد حسن نصر الله ومرجعيته الدينية عند ايات الله العظمى في طهران وقم ... صحيح أن الحرب في سوريا تدار من الخارج ولكن الحرب الدينية التي يبشر بها كل من نصر الله والقرضاوي لها سوابق في التاريخ استمرت عقودا ً وقروناً من الزمن وهي ليست حكرا ً على شيعة المذاهب الاسلامية ... محاكم التفتيش الكاثوليكية أزهقت مئات الالاف من الارواح في أوروبا بتهمة الهرطقة ولم ينج منها حتى اليهود والمسلمون ... هل نذكّر بحروب الهندوس والمسلمين ؟ أو نستحضر حرب الكاثوليك والبروتستانت التي استمرت ثلاثين عاما ً ؟ (1618 و 1648 م ) ولم تنته آثارها بين بريطانيا وايرلندا الا قبل سنوات ؟

حينما يوجّه علماء المسلمين الفتنة بإشعال نار الطائفية مع نار الرصاص والقنابل والصواريخ بدلا ً من التقريب بين طرفي النزاع نلطم على وجوهنا ونصرخ .... رحنا وراحت


المراجع

جريدة الدستور

التصانيف

صحافة   محمود الزيودي   جريدة الدستور