اختتمت وزارة الثقافة مهرجانها الثقافي الخامس في مديرية ثقافة الزرقاء بندوة عن التراث الشعبي القديم جدا ً والقريب الى حوالي قرنين من الزمن أشرف عليه وجهّز له الأديب الناقد محمد المشايخ مع مدير الثقافة بالوكالة رياض الخطيب ... أمتعنا الاستاذ الدكتور سلطان المعاني بنتائج دراساته وابحاثه مع فريق معهد الملكة رانيا العبد الله للسياحة والتراث عن الحرّة وعربانها قبل حوالي خمسة الاف عام ... قرأ الرجل مع تلاميذه ومساعديه عشرات الالاف من المدونات الصفويّة ( نسبة الى عرب الصفاة ) في الحرة المتكئة على سفوح جبل حوران الجنوبيّة الشرقيّة والأزرق والرويشد ووادي السرحان وباير والجفر . تلك الحرة السوداء كانت موطنا ً لقبائل عربية قبل حوالي خمسة الاف سنة .
ما يميز تلك الدراسة العلميّة هي قراءة مدونات العرب على الصخور كمذكرات يوميّة لحياتهم وليس كتابة تاريخ ورواية احداث متسلسلة او منفصلة ... بعد اربعة الاف عام لم يزل همّ عربان الصفاة يلازمنا نحن عربان السيارات والطائرات والهواتف الخلوية والانترنت ... تتسم الهموم اليومية لعربان الصفاة قبل اربعين قرنا ً بالقلق والحزن والانقباض الذي يطبع الحياة اليومية للقوم ... السبب هو قتالهم للفرس والرومان واليهود عندما يغزونهم ... وهم يتوجسون الشر من القوى الثلاثة بين حين واخر ... ففي مدوناتهم سنة حرب مع الفرس وسنة حرب مع اليهود . وتمرد على روما أنتج غزوها لبلادهم .
يذكر الدكتور المعاني أن لهجات العرب التي كتبوا بها مدوناتهم على حجارة الحرّة السوداء كثيرة الشبه باللهجات العاميّة لعربان القرن العشرين والقرن الذي سبقه ... وأن الكثير من النقوش احتوت على الرحمات واللعنات والرثاء ... ولعل هذا يدل أن الكثير منهم يموتون في حروبهم مع القوى العظمى ... فارس في الشرق وروما في الغرب واليهود في الوسط ... وربما تمنعهم هذه القوى من انتجاع المناطق الغربية الخصبة في سنوات القحط . وليس أثقل على البدوي من سنة القحط ... ويظهر من المدونات انهم يتوجسون دائما من خطر يأتي من الشرق او الغرب أو الجيران الأعداء ... تكشف دراسة وابحاث الدكتور المعاني أن عرب ما قبل المسيحيّة ليسوا أميين طالما أنهم كتبوا أكثر من عشرة الاف مدونة على عشرة الاف صخرة من صخور الحرة السوداء .
بقي النقش وذهب العربان ... ولكن الهموم لم تتغير منذ حوالي خمسة الاف عام.
المراجع
جريدة الدستور
التصانيف
صحافة محمود الزيودي جريدة الدستور