كان الملك عبدالله الثاني أول من أشاد بالربيع العربي واعتبره حقًا بديهيًا للشعوب العربية في التغيير نحو الأفضل وأعلن منذ البداية أن هذا الربيع فرصة تاريخية لإعادة النظر في مسيرة حياة الشعوب العربية التي تطمح للحرية والعدالة والإصلاح الحقيقي، وللتاريخ فإن الملك عبدالله الثاني منذ أن تسلم سلطاته الدستورية وقبل الربيع العربي بسنوات يقود عملية إصلاح شامل على كل مستويات المملكة واعتبر الربيع العربي فرصة حقيقية لمساندته بدفع العملية الإصلاحية بقوة أكثر إلى الأمام، وشكلت معادلة تلاحم الشعب مع القيادة قاعدة صلبة لنجاح التجربة، فبرز الربيع الأردني كتجربة مختلفة ومتميزة عما سمي بالربيع العربي، ففي حين اصطدمت الشعوب العربية مع قياداتها في دول عربية كثيرة كان الأردن يسطر الانجاز تلو الانجاز على طريق الإصلاح بصدر مفتوح من الدولة قابضة على جمر الصبر على الأصوات النشاز التي تريد أن تغتال كل إنجاز ولا تنظر إلا بعين الباطل للأمور من أجل مصالح صغيرة ضيقة.
ما يحدث اليوم في سوريا ومصر وتونس وليبيا واليمن يؤكد حكمة القيادة الأردنية في تراكم الإصلاح التدريجي نحو الهدف الكبير في الوصول إلى الدولة المنشودة من القيادة والشعب.
نقول لكل الأصوات الناعقة التي كانت وما زالت تشكك بالإنجاز الوطني الأردني: ألم تصلكم رائحة دماء العرب من عواصم عربية كثيرة التي سفكت ويسفك فيها في سبيل الصراع على الحكم تحت يافطة ما سمي بربيع العرب؟ هذا الربيع الذي اختطفه البعض من أيدي الشباب الحالم بالحرية والعدل والمساواة وحولوه إلى صراع بغيض يحرق الأخضر واليابس في دولهم، وأساءوا للإسلام بمفهومه الشامل كنظام حياة.
لم يكن ربيع الأردن ربيعاً تجميلياً بل كان ربيعاً حقيقياً تناغمت وتلاحمت فيه القيادة مع الشعب، وتحول الأردن إلى جبهة واحدة متماسكة في وجه الاضطرابات، ووجه كل من يريد الفوضى، وتهديد المنجز الوطني، وعلى رأسه الأمن والاستقرار.
الأردن يقف اليوم علامة بارزة وشامخة في محيط يهدر بالعنف والفوضى، ويتميز بربيعه المثمر عن كثير من العرب الذين أهدروا فرصة تاريخية في الوصول إلى ما تصبو إليه الشعوب من حياة كريمة مؤطرة بالحرية والكرامة.
هذا ربيعنا الذي نفاخر به الدنيا، رغم كل الذين يحاولون أن يضعوا العصي بالدولاب، ويعطلوا المسيرة، فالقطار الأردني يسير على سكته بكل ثقة وثبات، محدداً هدفه الأسمى. وأمس وفي الوقت الذي كانت فيه عواصم عربية كثيرة يضربها العنف والفوضى والاقتتال من كل أطرافها، كان الملك عبدالله الثاني يثبت للعالم بأن في هذه المنطقة وطناً ودولة ثابتة واثقة، عندما كان يوجه الحكومة إلى أهمية إجراء مراجعة جذرية وعاجلة لتنمية المحافظات لتعزيز التنمية الشاملة والمستدامة، وتوزيع مكاسبها وتوفير فرص العمل للمواطنين، ويؤكد ضرورة البناء التراكمي للإنجازات على مستوى الوطن، والبناء على ما سبق، وهذا يعني أن الأردن يسير بثبات وثقة كبيرة على طريق استكمال المشروع الوطني الكبير في البناء والتنمية والتوزيع العادل لمكتسباتهما، في منطقة يلفها اللهب من الجهات الأربعة.
لقد نجح الأردن واستطاع أن يعبر منعطفات كثيرة خلال السنوات الماضية بكل ثقة نحو مستقبل جديد يضمن للأجيال الجديدة حياة أفضل.
إننا كأردنيين مستعدون أن نحمي أمننا وأمن أبنائنا واستقرارنا بالمهج والأرواح، أمام الذين يحاولون خدش هذا الأمن من أجل مشاريعهم المشبوهة في رؤوسهم الصغيرة والذين يبشرون بشرارة الفوضى في الاردن متخذين من الاسلام والدعوة عنوانا وهما منهم براء، وسنطردهم من بيننا ليظل الراكب يمشي من الطرة إلى الدرة لا يخشى إلا الله على نفسه وماله، ولا نامت عين جبان.
المراجع
جريدة الدستور
التصانيف
صحافة محمد حسن التل جريدة الدستور