يأتي السمسار الى "الفقير" ويعرض عليه بيع كليته من ألف إلى خمسة آلاف دينار.شريطة ان يتم انتزاع الكلية خارج الاردن.ويتم دفع المبلغ على دفعتين أو أكثر.

فضيحة الكلى تؤشر على خراب كبير.لاتعرف مالذي يعنيه مبلغ الف دينار او خمسة الاف دينار لانسان يبيع كليته ويخاطر بحياته.حاضرا ومستقبلا.فبيع الكلية جريمة كبرى.لايبررها فقر ولاحاجة.ولامبلغ صغير او كبير.اي ان الجريمة تتحملها الحكومات التي اوصلت الناس الى هذا المستوى من التفريط بأجسادهم وبيعها جراء الفقر.ويتحمل المسؤولية ايضا البائع الذي يفرط بكليته من اجل مبلغ تافه او كبير.لافرق.

افكر كثيرا.ربما مبلغ الالف دينار او اكثر.يعني كثيرا لانسان لم يدخل جيبه دينار واحد ، وقد أتفهم قصة قرأتها ذات مرة عن انسان اضطر ان يبيع كليته بعشرة الاف دولار من اجل انقاذ أمه وتأمين كلفة علاج لها.قد اتفهم الضعف البشري احيانا في مثل هذه القصة ، وادين عدم توفير الحكومات علاج الام مما يجعل الابن يبيع كليته.في ظروف اخرى لايمكن تفهم بيع الكلية حتى لو كان الانسان فقيرا.الفقر يجلب المشاكل لكنه ليس تبريرا لبيع الكلى والانتحار والدعارة والجريمة.الفقر يزيد من نسب هذه المشاهد ، لكنه ليس سببا في النشوء.الفقر قد يجلب أناسا متفوقين وناجحين واصحاب اخلاق وزاهدين.الفقر ليس أب لكل المصائب ، هو شريك فيها ، ونعرف في مجتمعنا ان فقراء ابدعوا ونجحوا وتفوقوا وكانت اخلاقهم مميزة ، حتى لانجعل الفقر كذريعة لبيع الكلى.

اظن وبعض الظن اثم.انه الطمع وانعدام الضمير والاخلاق لدى البائع وعدم الادراك ، ونجد الاف مؤلفة فقيرة لاتبيع كلاها ، لانها تعرف ان الله بدلا من "قلة المال" اودع فيها صحة ممتازة ، فلم يتم حرمانهم بالمعنى الشامل والكامل ، فضيحة بيع الكلى تؤشر على مؤشرات متنوعة ، معا ، دون انفراد مؤشر بكل الملف.اي ان الفقر قد يكون سببا ، والحكومات وسوء ادارة ظروف الناس سبب.وضغط الحاجة لتلبية قضية محددة سبب.ومع كل هؤلاء هناك من يبيع لانه بلا ضمير وبلا اخلاق وطماع ولايدرك مالذي يفعله اساسا ، مقابل مبالغ صغيرة او قليلة ، فما بالنا حين يكون ثمن الكلية الف دينار ، وهو مبلغ لايبني عمارة ولايشتري سيارة ولايؤسس مجدا..فلماذا تم البيع اذن؟.

ناقوس الخطر تم قرعه مئات المرات دون ان يستمع احد.الجرائم.التوترات والاصطدامات الفردية والجماعية بين الناس.اختلال المعايير الاجتماعية.القتل والشرف.استخدام السلاح لاي سبب.المخدرات والكحوليات وارتفاع استعمالاتها.كلها رسائل حول ان الجسد يعاني من حمى في باطنه ، وننشغل نحن بمعالجة اثار الحمى على الجسد من طفح احمر وحبوب ، ولاتفلح العلاجات.لان المشكلة ليست في مظاهر الحمى.بل في اسبابها الاساس.


المراجع

جريدة الدستور

التصانيف

صحافة   ماهر أبو طير   جريدة الدستور