يحاورني راديو البلد ، البارحة ، والمذيع الألمعي حمزة السعود يُجيد عمله ، ولا يدعّي انه الاول ، فيسألني والنائب مبارك ابويامين حول رئاسة مجلس النواب والانتخابات المقبلة ، ومن سيكون رئيسا لمجلس النواب.

اهم فكرتين ، هي تلك التي قالها النائب مبارك ابويامين ، حول ان قواعد اللعبة البرلمانية هي التي يجب ان تتغير ، يأتي جوابه هذا في معرض الرد على الزميل السعود الذي يسأل بذكاء حول الذي سيتغير على مجلس النواب ، لو اصبح النائب عبدالكريم الدغمي رئيسا. وما يمكن استخلاصه من الكلام ، ان الرئاسة سواء كانت من نصيب المجالي او الدغمي ، فان الاهم هو تغيير القاعدة ، اي العلاقات ما بين الحكومة ومجلس النواب ، وبقية القوى ، وحدود صلاحيات النواب ، وربما وصولا الى ما يمكن اعتباره عرقلة النائب عبر تجميد معاملاته ، اذا نأى بموقف لا يحتمله احد. قواعد اللعبة البرلمانية لن تتغير بهذه البساطة ، والارجح ان السعي للتغيير سيكون مقيدا ، واي رئيس مقبل لمجلس النواب ستكون مساحات قدرته على التغيير ، محدودة لاعتبارات كثيرة. المجالي والدغمي كلاهما صاحب خبرة كبيرة ، وهما مُخضرمان ، غير ان ما يحدد تفاصيل المشهد لا هذا ولا ذاك ، فهناك قضايا عديدة تلعب دورا في اداء مجلس النواب.

ثاني هذه الاراء ما قلته انا حول "التقية البرلمانية" نسبة الى مبدأ التقية لدى بعض المذاهب الاسلامية ، قلت هذا الكلام ردا على ما نسمعه هنا او هناك من اجماع هذه الكتلة على هذا المرشح او ذاك. ما يعيب حياتنا السياسية هي تلك "التقية" فقد يؤيد نائب ما مرشحا ما ، ويلتزم بقرار كتلته ، لكنه عند الصندوق ينقلب ويصوت لمن حالفه سرا. كثير من المرشحين في تاريخ مجلس النواب ، توقعوا ان يحصدوا عددا معينا من الاصوات ، وغالبية الذين لم يحالفهم الحظ صدموا ، ليس بعد النجاح وحسب. بل بالنتيجة المفجعة ومن كان ينتظر سبعين صوتا ، او ثلاثين صوتا ، فوجئ بعشرة اصوات على سبيل المثال. اين الذين اقسموا؟ واين الذين وعدوا؟ واين الذين نسقوا؟ اين اختفوا. اعرف مرشحا في احدى الدورات وبعد النتيجة السلبية جلس اسبوعين في مزرعته ، وهو يقرأ سورة الفلق ، من شدة هول النتيجة على رأسه. معنى الكلام ان الاعلانات والاجماعات والتحالفات ، عرضة للتغيير في الساعة الاخيرة قبل التصويت. مهمة المرشح القوي هي تثبيت الحلفاء ، على موقفهم ، قبل حصر الاسماء في ورقة او ذاكرة ، وهذا ما يحترفه بعض المرشحين حقا ، فيذهب الى انتخابات الرئاسة ، وهو يعرف انه فائز بعدد يترواح بين كذا وكذا ، ولا يظنن لحظة واحدة انه سيخرج خاسرا من المعركة ، والمجالي من جهة ، والدغمي المخضرم بلا شك ، اذا استمر حتى النهاية ، امام معركة نفترضها.. معركة عليك ان تقرأها على خلفية ذهنية برلمانية معروفة.. تقول شيئا وتفعل شيئا آخر عند الصندوق.

اخطر انواع القيادة ، هي انك تُشّغل "الغماز اليمين" لكنك تلتف الى اليسار ، فيما يوحي لغيرك انه تكتيك ، لكنه في حقيقة الامر ، مجرد اضاعة للوقت ، وعبث بأهتمام الجمهور الذي مّل من اللعبة وأسسها.. أليس كذلك؟.


المراجع

جريدة الدستور

التصانيف

صحافة   ماهر أبو طير   جريدة الدستور