صدرت الطبعة الأولى من ديوان الشاعر ماجد الدجاني، التي أسماها (نفحات قلب) بلا مقدمة ولا تقديم ولا إهداء. وقد حوت ثماني وثلاثين قصيدة، خمسًا منها فقط من الشعر العموديّ الموزون والمقفى، اثنتين منها على البحر الكامل، وثنتين على البحر البسيط، والخامسة على الوافر، وأمّا بقية القصائد الثلاث والثلاثون فمن الشعر الحر.
يغلب على أكثر قصائد الديوان تأثر الكاتب بالقرآن الكريم، وبمفاهيم وأفكار الإسلام، فمن البداية وفي القصيدة الأولى: (لا مفر من هواك)، وفي السطر الأوّل أو البيت الأوّل يقول:
(الشمس تجري في السماء لمستقر
حبي قضاؤك والقدر)
وفي هذا إشارة واضحة إلى قوله سبحانه عن الشمس في سورة يس الآية: 37، (والشمس تجري لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم).
وفي قوله: (حبي قضاؤك والقدر) إشارة إلى مفهوم القضاء والقدر عند المسلمين حيث يعتبرون كل أمر لا يستطيعون ردّه قضاءً وقدرًا أي: حَكَمَ به ربّ العباد، ولاحول ولا قوّة ولا حيلة للعباد برده ومنعه.
وفي قوله: (هو في الهجير ظلالنا
                    هو دفؤنا في الزمهرير).
فيه إشارة إلى قوله تعالى: (لا يرون فيها شمسًا ولا زمهريرًا) الآية: 13 من سورة الإنسان، حيث جعل شاعرنا الحبّ جنّة يحيا فيها الإنسان، كما جعله ماءً وهواءً في قوله: (هو ماؤنا وهواؤنا) لا تقوم الحياة إلا به، وبدونه لا حياة.
وفي قوله: (سيقول لحظك لا وزر
   ويقول ثغرك لا مفر).
إشارة إلى قوله تعالى: (يقول الإنسان يومئذ أين المفرّ. كلا لا وزر. إلى ربك يومئذ المستقر). وبعدها عاد و كرر قوله: (الشمس تجري في السماء لمستقر).
وفي قوله: (كان قاعًا صفصفًا قلبي أنا)
إشارة إلى قوله تعالى في سورة طه: (ويسألونك عن الجبال فقل ينسفها ربي نسفًا. فيذرها قاعًا صفصفا. لا ترى فيها عوجا ولا أمتا).
وفي قوله: (سنواته كسني يوسف حلوتي مرت عجافًا
   والسنابل فيه ذابلة الخدود).
إشارة إلى قوله تعالى في سورة يوسف: (يوسف أيها الصديق أفتنا في بسبع بقرات سمان يأكلهنّ سبع عجاف، وسبع سنبلات خضر وأخر يابسات؛ لعلي أرجع إلى الناس لعلهم يعلمون).
وفي قوله: (وتفجرت أحلى العيون من الحجر).
إشارة إلى قوله تعالى في سورة البقرة: (ثمّ قست قلوبكم من بعد ذلك، فهي كالحجارة أو أشد قسوة، وإنّ من الحجارة لما يتفجّر منه الأنهار، وإنّ منها لما يشّقّق فيخرج منه الماء).
هذا كله في أوّل قصيدة في الدّيوان وهي التي جاءت في ثلاث صفحات فقط.
وأمّا قصيدة (آهات) والتي بثّ فيها الشاعر آلامه وأحزانه، فتذكرنا من بدايتها بخطبة قُسُّ بن ساعدة الإياديّ في سوق عكاظ والتي يقول فيها: (إنه من عاش مات، ومن مات فات، وكلّ ما هو آت آت، أرض ذات رتاج، وبحار ذات أمواج). أمّا شاعرنا فيقول:
(الليل ليل العمر داج
 حتى السراج
شجبت ذبالته وبحر العمر ماج).
ويكرر: (ما فات مات) مرتين.
ويذكرنا فيها بامرئ القيس ومعلقته التي اعتبرها النقاد أشهر المعلقات، وجعلوها في مقدمة المعلقات جميعا.
يقول امرؤ القيس في معلقته:
وليل كموج البحر أرخى سدوله
 
 
علي بأنواع الهموم ليبتلي
 
فقلت له: لما تمطى بصلبه
 
 
وأردف أعجازا وناء بكلكل
 
ألا أيها الليل الطويل ألا انجلي
 
 
بصبح وما الإصباح منك بأمثل
 
ويقول شاعرنا: (والليل ناء بكلكل، أرخى على الروح السدول
والريح تجتاح الحقول
ولا ملامح للشروق، وليس عندي ما أقول).
وغير هذا كثير وكثير وكثير.
أمّا لغة الديوان فسهلة سائغة سلسة، تنساب كجدول رقراق، يمتّع البصر، وتستقرّ في شغاف القلب.
وختامًا الديوان حريّ بالقراءة، وجدير بمعاودة القراءة مرة ومرات، وحقيق بالتدبر وإنعام النّظر. فهو لشاعر قرأ كثيرًا من الشعر وتأثر به، وقرأ القرآن الكريم، فاقتبس منه في شعره الكثير. وعركته الحياة، وعضته السّنون فصبر وشكر، ونظم شعرًا جميلا حزينًا رائعًا باكيًا؛ اسمعه يقول تحت عنوان (تحوّل):
وهواك أجمل ماسة في أضلعي
 
 
 
وبه فؤادي والشغاف تزينا
 
 
 
قلبي الذي جفّت حشائش حقله
 
 
 
 
 
من غيث حبك هاج أنبت سوسنا
 
 
 
 

المراجع

odabasham.net

التصانيف

شعر  شعراء  أدب  مجتمع