السؤال
سمعتُ أنه قد رُوِيَ عن سعيد بن جبير أن الصحابة رأوا أن أداء أربع ركعات قبل صلاة العشاء مستحب{قيام الليل للمروزي ص (58)} فما صحة هذه الرواية؟ وما تخريجها؟ وما موقف الفقهاء منها؟
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله، وبعد:
فلا حرج على المسلم أن يصلي نفلاً مطلقاً بين المغرب والعشاء؛ لأن الصلاة خير موضوع، وفي حديث حذيفة -رضي الله عنه- قال: أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم -، فصليت معه المغرب، فصلى إلى العشاء، أخرجه أحمد (22240)، والترمذي (3714)، والنسائي (379)، وإسناده صحيح، وبوب عليه النسائي في الكبرى بقوله: "الصلاة بين المغرب والعشاء".
وورد في بعض روايات حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - في قصة مبيته عند خالته ميمونة رضي الله عنها-: أن العباس بعثه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - في حاجة، قال: فوجدته جالساً في المسجد فلم أستطع أن أكلمه، فلما صلى المغرب قام فركع حتى أذن العشاء.
قال الحافظ ابن حجر: ويؤخذ من هذا مشروعية التنفل بين المغرب والعشاء {ينظر: فتح الباري (2/482 485)}.
وورد عن بعض الصحابة والتابعين أنهم كانوا يصلون بين المغرب والعشاء، وعقد
عبد الرزاق في مصنفه، وابن أبي شيبة في مصنفه باباً في الصلاة بين المغرب والعشاء، وأوردا فيه عن عدد من الصحابة والتابعين أنهم كانوا يصلون بين المغرب والعشاء {ينظر: مصنف عبد الرزاق (3/44)، مصنف ابن أبي شيبة (2/196)}.
وقال الحافظ العراقي: وممن كان يصلي ما بين المغرب والعشاء من الصحابة: عبد الله بن مسعود، وعبد الله بن عمرو، وسلمان الفارسي، وابن عمر، وأنس بن مالك في ناس من الأنصار، ومن التابعين: الأسود بن يزيد، وأبو عثمان النهدي، وابن أبي مليكة، وسعيد بن جبير، ومحمد بن المنكدر، وعبد الله بن سخبرة، وعلي بن الحسين، وأبو عبد الرحمن الحبلي، وشريح القاضي، وغيرهم، ومن الأئمة: سفيان الثوري".
وقال الشوكاني بعد أن أورد بعض الأحاديث والآثار في الباب: وهي تدل على مشروعية الاستكثار من الصلاة ما بين المغرب والعشاء {ينظر: نيل الأوطار (2/241)}.
وأما الأثر عن سعيد بن جبير المذكور في السؤال فلم أقف عليه مسنداً؛ لكون كتاب مختصر قيام الليل مجرداً من الأسانيد، لكن أخرج ابن أبي شيبة عن ابن فضيل عن ورقاء بن إياس عن سعيد بن جبير أنه كان يصلي ما بين المغرب والعشاء ويقول: (هي ناشئة الليل) {مصنف ابن أبي شيبة (2/197)}.
وفي هذا الإسناد: ورقاء بن إياس الأسدي، ضعفه بعض الأئمة، وقال الحافظ ابن حجر في التقريب: لين الحديث. والله أعلم.
المراجع
موسوعة المختار الأسلامي
التصانيف
عقيدة