يتم توليد الازمات دون اي داع ، سوى معاندة الناس ، في قضايا لا تستحق المعاندة ، فيما يتم ترك قضايا اخرى تستحق المعاندة ، وكأن ادارة القضايا تجري بشكل عكسي.
فصل محمد السنيد رئيس لجنة عمال المياومة في وزارة الزراعة ، فصل مرفوض جملة وتفصيلا ، ولا يمكن قبوله او تبريره ، مهما كانت الذرائع ، فالرجل دافع عن حقوق العمال ، ودفع الثمن بشكل جائر ، بعد ان تمت مماطلة العمال لشهور طويلة ، وقد كان بالامكان حل مشكلتهم منذ اليوم الاول ، بدلا من تركها لتتراكم نيرانها ، نارا فوق نار.
الحل ايضا غير مجد ، فتوزيع عمال المياومة على وزارات ومواقع ، ادى الى مشاكل عديدة ، وعلى الرغم من انخفاض رواتب هؤلاء التي لا تتعدى في حالات كثيرة المائة والاربعين دينارا ، الا ان توزيعهم كان غير عادل ابدا ، لان بعضهم سيتكبد نفقات مواصلات تحرق راتبه البسيط ، ولان بعضهم تم ارساله الى دوائر ومؤسسات ، لا يعرف عن عملها شيئا ، بالاضافة الى وجود اعداد لم يتم توزيعها اساسا.
هل من المنطق ان نتعرقل بقصة مثل عمال المياومة ، واذا كانت قصة بسيطة مثل هذه تؤدي الى هذه التداعيات ، فكيف سنعالج ملفات اكثر تعقيدا ، مثل ملف المعلمين ، وملف عمال الميناء ، واي ملفات قد تستجد ، والفرق بين المعاندة وسوء الادارة ، بسيط جدا ، وفي المشهد ما يشي بعدم الوضوح ، وقد كنا نقول ان ملف عمال المياومة في طريقه الى الحل ، فجاء فصل السنيد الذي دافع عن العمال وكأن الرسالة تقول لكل من يدافع عن قطاع ، اذهب وُمت جوعا في بيتك ، وقد حدثت ذات القصة مع اخرين عبر النقل والتأديب في قطاعات اخرى.
وزارة الزراعة لم ترحنا من قصصها عبر الشهور الاربعة الماضية ، ففي كل يوم قصة ، وكأن هناك من يوحي لها بأن تبقى على سطح الازمات ، وتطفو دون حساب للكلف ، وعلى هذا فإن فصل السنيد غير شرعي لانه مهما تم تبرير القصة ، فدوافعها واضحة ، وجاءت على خلفية ملف عمال المياومة ، ولو تأثر المسؤولون فقط من رؤية ابناء البلد وهم يفترشون الشوارع ذات يوم ، وُيهدد بعضهم بالانتحار ، لتم تعيين هؤلاء واغلاق ملفهم ، ودفع رواتبهم ، ولو من جيوب المسؤولين الشخصية ، لان كرامة المواطن في المشهد فوق كل اعتبار.
توليد الازمات ، على طريقة انشطار الخلايا ، بحيث تلد كل ازمة ازمة اخرى امر مؤسف ، ويدل على عدم عمق البعض ، وعدم تقديرهم للكلفة العامة لهذه الازمات المجانية ، وعلى هذا فان عودة السنيد الى موقعه ، مطلب وطني ، وحل مشكلة العمال بشكل لائق ومحترم ، دون التذاكي عليهم بأرباع الحلول ، هو الحل الوحيد ، فلا شبعت افواهنا ، ان جاعوا.
سوء ادارة الازمات ، وتوليدها ، اخطر بكثير ، من حدوثها بشكل طبيعي.
المراجع
جريدة الدستور
التصانيف
صحافة ماهر أبو طير جريدة الدستور