كان مقررا ان تجري الانتخابات النيابية ، بين موعدين ، احدهما قبل رمضان ، وثانيهما ، بعد عيد الفطر ، والاغلب ان تجري في موعد ثالث هو شهر تشرين الثاني ، وفقا لاخر المعلومات المُتسربة.
ما هو اهم من كل هذا العصف هو ان لا يلد مجلس النواب الخامس عشر ، مجلس النواب السادس عشر ، ولا يكون ذلك الا بتأمين بيئة انتخابية نظيفة ، تقوم فعلا على اساس تجريم "المال السياسي" وشراء اصوات الناخبين ، بخمسين دينارا او مائة دينار وبتسعيرات اخرى ، خصوصا ، ان الانتخابات تجري في اجواء اقتصادية صعبة ، تعززها طبقة "الحيتان" التي ستغزو مجلس النواب المقبل ، مسّلحة بأموالها ، وعدم حاجتها اساسا لاي امتيازات برلمانية ، بما في ذلك "الراتب" الذي تحول الى مكافأة.
من تقنيات شراء الاصوات ، الاشتراط على الفقير قبيل دفع ثمن صوته ، ان يقوم بتصوير ورقة الاقتراع داخل غرفة التصويت ، بعد ان يكتب الاسم المطلوب ، ويقوم بتصوير وضع الورقة في الصندوق ، وهي تقنية تم استخدامها خلال الانتخابات الماضية ، حيث كان يتم تزويد الفقير بموبايل خصيصا لهذه الحالة فيلتقط لنفسه بكاميرا الفيديو لقطات تثبت التزامه ، فينال المبلغ المتفق عليه بعد الخروج.
تقنيات اخرى تقوم على اساس ادخال اول ناخب ، والطلب منه ايهام اللجنة بأنه قام بالتصويت ، على اساس ان لا يضع الورقة ويجلبها معه الى الخارج حيث يأخذها مدير حملة المرشح ، ويكتب اسم مرشحه ، ويمنحها للناخب الثاني ، الذي يدخل ويضعها في الصندوق ، ويجلب معه انموذج التصويت الفارغ الذي حصل عليه من اللجنة ، ويسلمه الى مدير حملة المرشح ، فتتكرر العملية ، بشكل متسلسل ، ويتم الدفع لكل من يجلب الانموذج الفارغ ، ويضع الانموذج الجاهز مسبقا.
اصوات الاميين مشكلة اخرى ، ولا بد من الجرأة في هذا الصدد بحيث يتم منع تصويت الاميين ، ولا داعي ابدا ان نستغرق في قصة حق الناخب كان اميا ام لم يكن ، في التصويت ، فهناك تلاعب كبير يجري في اصوات الاميين ، من جانب من يحاولون شراء الذمم ، بحيث يكون التصويت علنيا ويشهد عليه مندوب المرشح ، والجرأة التي نريدها لتجريم المال السياسي ، تقتضي اغلاق الباب في وجه اي ثغرات ينفذ منها هؤلاء ، وتصويت الاميين هو احدى هذه الثغرات.
ترحيل الاصوات من دائرة الى دائرة ، مشكلة اكبر ، وكأن الناس "حمولة شاحنات" فيتم استغلال ظروفهم ، احيانا ، وخلق دوائر مشوهة في حالات اخرى ، تفيض بجمهور ليس جمهورها ، واذا كانت هناك نية حقيقية لايجاد برلمان نظيف حقا ، فيتوجب عدم التذرع بضيق الوقت ، واعادة ترحيل الاصوات ، واعادتها الى دوائرها الاصلية ، وبغير ذلك تكون بعض الدوائر منتجة لنواب ليس من حقهم ادعاء تمثيل هذه الدائرة او تلك.
الاثرياء بعضهم يستعد للسطو على مجلس النواب المقبل ، بأموالهم ، في ظل الفقر ، وفي ظل طبقة فرعونية من الاثرياء الذين يريدون المال والنفوذ السياسي وحماية مصالحهم ، واذا كان "الثراء المشروع" حقا لكل انسان ، فان تحويله الى اداة لتطويع ارادة الفقراء والمحتاجين ، كبيرة من الكبائر ، ان لم تكن "ام الكبائر" السياسية ، حين يبيع المرء ضميره ، مقابل حفنة دنانير.
لنصبر ولنتأمل ، وآخر ما نتمناه ان تلد الام ابنتها.
المراجع
جريدة الدستور
التصانيف
صحافة ماهر أبو طير جريدة الدستور