ينشغل الاعلام الاسرائيلي والامريكي بصحة الرئيس حسني مبارك ، ومن رواية الى رواية ، ومن قصة الى قصة ، فتضطر الحكومة المصرية الى ان تنفي كل يوم او يومين هذه القصص.
تقول هذه الروايات ان السرطان يفتك بالرئيس وانه لن يعيش اكثر من عام ، وانه ذهب الى المانيا سراً لتلقي العلاج ، ويخرج باحث عن الشهرة من مصر فيرفع دعوى قضائية لا تساوي رسم تسجيلها تقول ان "بديل مبارك" هو الذي يحكم مصر منذ ست سنوات ، وان مبارك توفي عام الفين واربعة ، ويستند "الرفيق" في دعواه على نشرات اخبار واشاعات.
مصر لم تكن يوما خارج الاستهداف ، لانها مركز الثقل في العالم العربي ، فمن اغراقها في الديون ، الى الامراض ، وصولا الى الاثارات الطائفية ، ونشر المخدرات وحرق الزراعة والتهديد بحصة مصر من ماء النيل لحرق ارضها وزراعتها بوحي اسرائيلي ، الى الفقر ، وصولا الى الصراعات الديموقراطية التي يتم توظيفها لخلخلة البنية التحتية لمصر ، وتخريب البلد تحت عناوين واضحة او مضللة.
الروايات التي يتم تسريبها حول صحة مبارك ، صحت ام لم تصح ، تأتي في ذات السياق ، اي سياق ارباك الداخل المصري وخلخلته ، وهي خلخلة يريدها حتى اصدقاء مصر الدوليون ، لاعتبارات تتعلق بما يخططونه لذات مصر البلد والدولة والشعب ، لاشعال معركة الخلافة مبكرا ، ولاخراج كل الفتن من البئر ، وهي خلخلة تقول لك ان ما يخطط سرا لمصر خطير جداً.
العالم جاء وقال ان في هذه المنطقة ثلاث دول كبرى ومركزية ، هي مصر والعراق وسوريا ، ولا بد ان يتم تحطيم هذه الدول ، فتم اغراق مصر بمئات المشاكل المختلفة وتقييدها وتربيطها ، وتم احتلال العراق وتحطيمه ، وسوريا قد يأتيها الدور قريبا. بعد هذه الدول ، سيتحول الشرق العربي الى جثة هامدة ، لا تقوى على التنفس.
لكل انسان اجل وعمر محدد ، ومن الطبيعي ان يرحل كل انسان في نهاية المطاف ، زعيماً كان ام انساناً. ما هو لافت للانتباه في الموضوع المصري هو عدم اكتفاء اسرائيل وامريكا بكل الذي جرى ، والذي اخذوه عنوة ايضا. يريدون لمصر التقسيم ويريدون لها ان تتحطم الى اكثر من كيان ، كيان عربي مسلم وكيان مسيحي قبطي ، وكيان ثالث قد يتم الباسه ثوب الفراعنة ، او ثوب الصحراويين ، او اي لون اخر.
التناقض مع السياسة المصرية حق لكل انسان ، غير ان علينا ان نفهم الفرق بين التناقض الطبيعي في الموقف ، وبين التناقض الذي سيوظف لمصلحة المخطط الاكبر اي تحطيم مصر ، وتقسيمها وتدميرها ، ولربما اخطر ما في عهد ما بعد مبارك ، هو ان كل الاحتمالات مفتوحة على البلد ، في ظل عمليات التسميم والتلغيم والتآمر ، استعدادا لهذه المرحلة.
مصر ليست صدفة تاريخية ، وليست ابنة البارحة ، والذين يفكون الاشارات في داخلها وخارجها ، يضعون ايديهم على قلوبهم على مستقبل البلد ، الذي نحبه ونحب اهله ، اذ ان القاسم المشترك بين كل هذه الاشارات ، يقول ان ما يخطط دوليا وفي الغيب للبلد ، سيئ للغاية ، وان القوى الدولية لم تكتف بكل الذي فعلته ، وتريد اكثر واكثر واكثر.
يريدون لمصر الخراب فيما خرابها "لا سمح الله" نهاية لكل العرب.
المراجع
جريدة الدستور
التصانيف
صحافة ماهر أبو طير جريدة الدستور