الاردن بلد مدين وفقير ، قليل الموارد ، كلام سمعناه ونسمعه ، طوال سنين ، وقد صدّقنا القصة حتى بتنا نعيدها صباح مساء.
ستة ملايين مواطن من حقهم ان يعيشوا حياة طيبة ، تفوق هذه الحياة ، بكل مافي الكلمة من معنى ، دون اي مبالغات ، لان البلد ليس فقيراً ، وليس معدماً ، حتى لو اعيدت هذه النغمة على رؤوسنا ليل نهار.
تعالوا نتأمل خمسة ملفات.ولكل ملف تفاصيله العميقة ، التي تثبت ان سوء الادارة من جهة ، وعدم التخطيط ، والتهاون ، من جهة اخرى ، هي وراء الحالة التي وصلنا اليها هذه الايام.
الاول:ملف ثروات البلد المخزنة والمتروكة والمهملة من صخر زيتي ومياه وفوسفات وبوتاس وملح ويورانيوم ونحاس ، ونفط تتناقض الروايات حول وجوده ، وهي ثروات كفيلة بالانفاق على الاردن واهله طوال عمرهم وتشغيل الناس ، وانعاش البلد.
ثروات متروكة ، وغير مستثمرة ، ولم تجد تخطيطاً ، ورعاية طوال عقود حتى وصلنا الى المرحلة التي لا..نحن قادرين على استخراجها ، ولا..نحن قادرين على الاستفادة منها.
ثروات بعشرات مليارات الدولارات مُجّمدة تحت الارض،،.
الثاني:ملف الشركات العامة التي تمت خصخصتها في قطاعات كثيرة من المعادن الى غيرها وغير ذلك من شركات ، كانت مدينة وخاسرة وبيعت بمبالغ مالية قليلة جداً وفقا لقيمتها الحقيقية ، واذا بها بعد البيع تربح مئات ملايين الدولارات ، وهذا على مستوى شركة واحدة .
في الاجمالي تتجاوز ارباح هذه الشركات اليوم مليارات الدولارات ، فلماذا تمت خصخصتها ، ولماذا فقدناها ، ولماذا بعناها بأرقام قليلة ، واذا بها تتحول الى "غيلان" في السوق تربح ارباحا فلكية بقدرة قادر.
لو أديرت جيداً ، لما خسرناها ولما خسرنا ارباحها ، باعتبارها مالا وطنياً وليس مجرد مشروع متعثر.
الثالث:ملف السياحة والاثار والزراعة ، وهي قطاعات تم تركها لتتهاوى يوما بعد يوم ، فخسرنا كل الاراضي الزراعية ، وباتت الزراعة مهلكة لكل من يدخل عليها ، ولاتنتج الارض الزراعية في المملكة الا اقل القليل من قدرتها ، ومعها الاثار والسياحة التي تدر دخلا محدودا.
لو حظيت هذه القطاعات بعمل محترم ودؤوب طوال عقود لكانت اهم مصادر الدخل بدلا من هذه الحالة ، التي لاتسر عدواً ولا صديقا.
الرابع:ملف الفساد حيث على السطح أغنياء جدد ، من جامعي الملايين والمليارات بطرق غير مفهومة ، فلا هم ابناء عائلات ثرية تاريخياً ، ولاهم من المغتربين ، ولاتعرف كيف أُثْروا وماهي الصدفة التي قادتهم للثراء.
لو كانت هناك قوانين حقيقية لمحاربة الفساد كقانون من اين لك هذا الموؤود ، لعادت الى الناس ملايين الملايين من حقوقهم المسلوبة بطرق مختلفة.
هذه طبقة تسمن وتريد تحويل البلد الى طبقتين الفراعنة والعمال ، ولااحد يسألها عن مصدر مالها ، ولا عن وجاهتها المفتعلة.
الخامس:ملف العاملين في الخارج وعشرات المليارات التي تم تحويلها للبلد ، عبر عقود وهي التي اسهمت بتأسيس البنى التحتية ، ورفع اسعار الاراضي والبيوت والعقارات والتنمية.
هي مليارات لم تُدَر جيداً ، ولو من باب تحسين الظروف امام المغتربين لتوجيه اموالهم الى المكان الصحيح ، واليوم لم يعد المغترب كما في سابق الايام.بات همه ينحصر فقط في الانفاق على عائلته في مغتربه ، ومساعدة اهله في الاردن.
خمسة ملفات تثبت ان الفقر في البلد ليس قضاء وقدرا ، وان الوضع الاقتصادي ليس عقوبة لابد منها ، وان النتيجة الصعبة التي نواجهها اليوم من فعل ايدي حكوماتنا المتعاقبة.
الحكومات المتعاقبة اوصلت الناس الى هذه الظروف الصعبة جداً ، حتى بات بعضنا يصدق ان البلد فقير ، وان لاامكانات بدلا من قراءة المشهد بطريقة صحيحة وعميقة.
المراجع
جريدة الدستور
التصانيف
صحافة ماهر أبو طير جريدة الدستور