خشونة الشرطة باتت بادية في مواقع كثيرة ، ولا اتحدث هنا عن تجربة شخصية بحد ذاتها ، وان كانت حياة الانسان لا تخلو من هكذا تجارب.

تعب الشرطة ووقوفهم في الشمس والبرد ساعات طويلة وظروفهم والضغط الذي يشتغلون تحته عوامل مقدرة ، لانهم في نهاية المطاف بشر من بيننا ، ولا نفترض فيهم احتمالا فوق البشر. هذا مع الاشارة الى انهم هم الذين اختاروا وظائفهم ولم تفرض عليهم.

الشرطة ذاتهم يتعرضون في احيان كثيرة الى اعتداءات من الناس. يتم اطلاق الرصاص عليهم ، احيانا تم ضربهم على يد نواب سابقين اعتبروا ان النيابة تبيح لهم التطاول على رجل الامن.

في حالات يتعرض الشرطة الى اعتداءات باليد او الالفاظ او التهديد او اللجوء الى مراكز قوى لايذاء الشرطي.

يقال هذا الكلام حتى ننصف الشرطة من الجانب الذي يخصهم ، اذ ليس من مصلحة احد الاساءة اليهم او الاعتداء عليهم ، لانهم يمثلون ارادة الدولة ، في وجه من يعتدون عليهم وعلينا.

الشرطة من جهة اخرى مستفزة هذه الايام بطريقة واضحة لم نعرفها مسبقا ، وقد رأيت بنفسي قرب دوار معروف شرطياً يمد يده على مواطن كبير في السن ، ويريد ان يلقيه ارضاً ، وقام رجال الشرطة في الموقع باحاطة العجوز نصرة لزميلهم ، على الرغم من ان العجوز غير قادر على حماية نفسه.

في مرات تسمع الشرطة يستخدمون ميكروفون السيارة الخارجي بطريقة مستفزة وكأننا وسط سوق حسبة ، او يحدّجون بعيونهم من في سيارات الناس من ركاب ، وكأنه يحق لهم مد العين الى كل شيء ، واحيانا يسابقون سيارات الناس.

في صور اخرى تجد الشرطة مستفزة وسط الشوارع ، تطلق المخالفات بطريقة غير مقبولة ، لا ترحم الناس ، في هذا الشهر.

خشونة الشرطة باتت واضحة واذا كلمت شرطياً بكلمة اليوم يغضب بسرعة وكأنه بات يفهم وظيفته بأنها فوق الناس ، او ان من يحاول مناقشته يتوجب قطع لسانه.

شخصيا لحقتني دراجة قبل يومين ، لمجرد انني لم اضع حزام الامان وانا مخطئ بطبيعة الحال. ابني الصغير اصيب بذعر بالغ جراء هذه الملاحقة ، وحين حاورت الشرطي قال (لا ترفع يدك ولا تحرك اصبعك).

في مرة سابقة نادت علي سيارة الشرطة لاحرك سيارتي كوني اقف بعيداً عن الرصيف قبل الافطار بنصف ساعة في وسط البلد. استخدم الميكروفون ثلاث مرات زاعقا بأعلى صوته قائلا وينك (يا صاحب السيارة السلفر).

حين قدمت وبررت له وقوفي وقلت له اعتراضاً على اسلوبه الخشن ان الشكوى عليه لمدير الامن العام لا بد حاصلة قال: انت واحد نمرود. وضاعف مخالفتي الى مخالفتين ، بذريعة لم افعلها هي انني رفضت منحه رخص القيادة.

المؤسف ان زميلا لهم جاء ماشياً على الاقدام ، اصطف مع رفاقه "على الغميض" دون ان يسمع تفاصيل القصة التي انتهت بشتيمة من طراز "نمرود" تقال لارباب السوابق عادة ، وليس لاي مواطن.

اذكر اخطائي لانني لا انكر ان الناس تخطئ. غير ان اخطاء الناس ومخالفاتهم لا تبيح للشرطي مد لسانه وشتم الناس ، ولا تبيح للشرطي ايضا التصرف بهذه الخشونة ، ولا تسمح ايضا له بالاعتقاد انه قادر على حمل المواطن وزجه في السجن كلما اراد.

ربما الشرطة مستفزة جراء الاعتداءات عليهم وعلى حياتهم. انا لا اقبل الاعتداء عليهم. كرامتهم من كرامتنا. والامن خط احمر ، غير ان تثبيت هيبة الشرطي لا يكون بمزيد من الخشونة في الشارع ، دون ان ننكر ان هناك اخطاء نرتكبها في التعامل معهم.

قبل يومين كانت سيارة شرطة تمر عبر شارع ضيق في جبل من جبال عمان الشرقية ، ولن يصدق مدير الامن العام كيف كان يصيح الشرطي الذي بداخلها وهو يقهقه على الناس لفتح الطريق لهم. قهقهة مع اشارات سلطوية تجاه مساكين الناس.

نقول لمدير الامن العام اننا معك في حفظ هيبة الامن ورجاله وحياتهم وكرامتهم ، ونريدك معنا في حفظ كرامة المواطن ، وافهام الشرطة ، ايضا ، ان الخشونة تولد القهر والحقد ، ولا تولد الهيبة ابدا.

الشرطة في خدمة الناس وليس عدلا ان يصبح الناس في خدمة الشرطة.


المراجع

جريدة الدستور

التصانيف

صحافة   ماهر أبو طير   جريدة الدستور