كثيراً ما تتصل بصديق ، فترد عليك خادمته قائلة وقد كسّرت اللغة "بابا مش موجودة" ، فتسأل عن زوجة الصديق فتقول لك الخادمة ايضا "ماما مش موجود"،.
اول مرة سمعت فيه تعبير "بابا مش موجودة" كان قبل عصر الموبايل حين اتصلت بوزير في بيته فردت عليّ الخادمة ولم تصفه بمعالي ولا بأي لقب رسمي وقالت لي "بابا مش موجودة".
دب الشك في قلبي ان يكون الوزير انجب سيرلانكية ايضاً ، من زواج سري ، لان المصون وصفت الوزير بوالدها.
نحن الذين نشتغل عند الخادمات الفلبينيات والاندونيسيات ، وغيرهن من جنسيات مختلفة ، ولعل قمة المتعة ان تظن "المدام" ان لديها خادمة ، فيما هي التي تشقى وتعمل من اجل الدفع للخادمة.
من يخدم من هنا؟ اغلب الظن ان المدام هي خادمة الخادمة ، لان تشقى ثلاثين يوما لتوفير نفقات الخادمة.
الرجل الاردني تضحك عليه زوجته بتقليل كلفة الخادمة في نظره ، غير ان الرجل الذكي يحسبها بطريقة مختلفة ، فاحضار الخادمة بحاجة الى الف وخمسمائة دينار ، تغطي احضارها ، واقامتها للعام الاول.
في العام الثاني تدفع قرابة الخمسمائة دينار لتجديد الاقامة فيصبح المبلغ الفي دينار ، هذا اذا لم نحسب كلف الاطباء لا سمح الله.
يضاف الى المبلغ ثمن تذكرة عودتها بعد عامين بحدود ثلاثمائة دينار ، فيصبح الاجمالي الفين وثلاثمائة دينار ، كمقدمة لوجودها.
فوق هذه المبالغ ، رواتب بمتوسط مائتي دولار شهرياً ، اي مائة واربعين دينارا شهرياً ، اذا ضربناها في اربعة وعشرين شهراً عن عامين يصبح مجموع الرواتب ثلاثة الاف وثلاثمائة وستين ديناراً.
اذا اضفنا الكلفة الاولى اي الالفين والثلاثمائة دينار الى الرواتب البالغة ثلاثة الاف وثلاثمائة وستين ديناراً ، يصبح المجموع خمسة الاف وستمائة وستين دينارا حتى الان.
الخادمة بحاجة الى كلفة صيانة وتشغيل من مأكل ولباس ومعايدات ومكالمات كفرد من افراد العائلة بمتوسط من سبعين الى مائة دينار وهو متوسط حصتها كفرد يعيش في البيت.
لو حسبناها على السبعين ديناراً كحد ادنى ، وضربنا المبلغ الشهري في اربعة وعشرين شهراً اي عامين يكون المجموع هو الف وستمائة وثمانون ديناراً.
نضيف المبلغ الاخير ، اي كلفة المأكل والملبس وغير ذلك ، اي الف وستمائة وثمانون دينارا ، الى المبالغ الاخرى التي جمعناها من رسوم استقدام ورواتب واقامات .
نضيف المبلغ ، الى مبلغ خمسة الاف وستمائة وستين ديناراً فيصبح المبلغ الكلي هو سبعة الاف وثلاثمائة واربعين ديناراً.
اذا قسّمنا الكلفة الاجمالية على شهور عامين اي سبعة الاف وثلاثمائة واربعين دينارا تتم قسمتها على اربعة وعشرين شهراً فيصبح متوسط كلفة الخادمة شهرياً هو ثلاثمائة وخمسة دنانير.
نعم ثلاثمائة وخمسة دنانير ، وتكتشف ان نصف موظفات القطاع العام والخاص يشتغلن بنفس المبلغ وربما اقل ، وهكذا تكون نسوتنا هن الخادمات العاملات عند المستوردات ، لانها تشتغل شهراً كاملا ، ولا تغطي حتى كلفة متوسط الخادمة.
هذا اذا تناسينا اننا شعب عاطفي نعطف على الخادمات فوق هذه الكلف بهدايا ومعايدات وقصص اخرى تزيد من الكلفة الاجمالية.
ثم ترى الواحدة تقود سيارتها وهي "عارمة" فيما تجلس الخادمة في الكرسي الخلفي ، وهي رفاهية اضافية للخادمة التي تحولت الى vip تجلس بكل ثقة لان من جلبتها تشتغل عندها بكل ما في الكلمة من معنى.
"بابا مش موجودة".. فأين ذهب بالله عليكم؟.
المراجع
جريدة الدستور
التصانيف
صحافة ماهر أبو طير جريدة الدستور