يغضب النواب بشكل متأخر على وجود النوادي الليلية في شارعي مكة المكرمة والمدينة المنورة.
كان الاصل بالنواب ان يطلبوا اغلاق كل النوادي الليلية في الاردن ، بدلا من اغلاقها في شارعين يحملان اسمين مقدسين ، وكأننا نلتف على امر الله ، بشأن المحرمات ، وتصير القصة قصة اسمي الشارعين فقط.
النوادي الاخرى موجودة في شوارع تحمل ايضا اسماء شهيرة ومعروفة ولها احترامها العام او المحصور ، فكيف يتم تركها ايضا لهكذا صور مؤلمة.
يتناسى كثيرون قصة حفلة الشواذ التي جرت في قاعة فندق في شارع مكة المكرمة ، ويريدون حصر القصة بالنوادي الليلية فقط.
الاصل ايضاً ، ان يتم فتح الملف الاجتماعي بكل تداعياته. من جرائم القتل مروراً بأطفال الحاويات الذين يتم رميهم ، وصولا الى النوادي الليلية ومشارب الخمور ، وانفتاح الانترنت على الهواء الطلق.
فوق هذا تأتي ملفات مهمة كعدد الاجنبيات من دول معينة يقمن في الاردن ، ويحصلن على اقامات ويعملن في مهن مشينة ، وما يجري في كوفي شوبات وشقق من مفاسد اخلاقية ، وما يجري في حدائق معروفة ، في اكثر من موقع ، من ممارسات لااخلاقية.
اضف الى ذلك قضايا المثليين كما يحبون ان ينادوا ، او الشذوذ الجنسي ، وحفلاتهم ، ومع ذلك عبادة الشيطان التي تجري في عروق نفر قليل في البلد ، سراً ، ومع ماسبق التغيرات الاجتماعية على مستوى الاخلاق العامة.
ايضا ما تفعله مراكز المساج سرا في عمان والعقبة ، وما تفعله النسوة الاجنبيات حين يعملن ضمن شبكات ويذهبن الى البيوت لتقديم خدمة المساج في الفنادق والبيوت ، وهو نمط آخر لا يحكى عنه.
فوق كل هذا الجانب الاخر في الملف الاجتماعي. الفقر والبطالة وانخفاض نسبة الزواج ، وارتفاع نسبة الطلاق وطرد الاباء والامهات ، والاعتداء على الطفولة ، وقضايا اخرى تؤشر على تغيرات اجتماعية لم نألفها من قبل.
مل الناس من الوعظ والارشاد ، حتى بات كاتب المقال كمن يلقي موعظة على رؤوس الناس ، وهم يريدون تطهير البلد من المفاسد لا.. الاكتفاء بالكلام ، ثم نمضي الى بيوتنا ، ويبقى كل شيء على حاله.
المناخ الفاسد الذي نراه لا يقف عند حدود الحريات الشخصية ، اذ يؤدي الى هدم بيوت ، وخراب بيوت ، وضياع اموال الناس ، وهتك حرمات البلد الذي لا يرى فيه محبوه سوى كونه ارضاً طاهرة مقدسه ، ولا يرون في شعبه الا الاصالة والاخلاق.
ليست مبالغات. الفساد بات في كل مكان ، والناس باتت تعاني من هكذا ظرف ومن هكذا حياة ، اذ يتعثرون بهذه المشاهد والصور في كل مكان ، وبما يمس دينهم وشخصيتهم الاجتماعية.
مطالبة طريفة حقاً. اي اغلاق النوادي الليلية في شارعين ، واخر يخرج ليقول انه لا يريد النوادي في الاحياء السكنية ، وثالث يقول ان هذه ارزاق للناس فلماذا تشوشون عليهم.
وزير سابق قال ذات مرة كلاماً مهماً حين اعتبر الملف الاجتماعي اهم من الملف السياسي ، وركيزة اساسية ، ومعالجته بشكل حكيم وصحيح ، يؤدي الى تصحيح اختلالات في كل القطاعات.
نفهم ان تحولنا من قرى كبيرة الى مدن واسعة ، يجلب معه امراضا كبيرة ، والذي لا يمكن فهمه ابداً هو التساهل مع هذه الامراض ، وترك الناس لهذه الامراض تنهشهم وتعيد انتاجهم.
الذين يريدون حصر القصة بنقل النوادي من شارعين يحملان اسمين مقدسين يتناسون ان كل الشوارع الاخرى تحمل اسماء شخصيات او شهداء او قرى او اعلام ، وكأنه مسموح مس اسماء هؤلاء بهكذا دنس بدلا عن الشارعين المعروفين.
الشجاعة ان تطلبوا اغلاق كل النوادي ، وفتح الملف الاجتماعي لمعالجة كل ما فيه.. أليس كذلك؟.
المراجع
جريدة الدستور
التصانيف
صحافة ماهر أبو طير جريدة الدستور