عظيم ، مافعله رئيس الوزراء من احالة ملف الكازينو ، الى مكافحة الفساد ، اذ ان للملف اسقاطاته الثقيلة على هذه الحكومة.

ملف الكازينو ، فيه معلومات متداولة ، وبعضها الاخر غير متداول ، فاتفاقية الكازينو ، تم اعدادها وفقا للقانون البريطاني ، وصيغت باللغة الانجليزية ، وقد تعامل معها البخيت على ثلاثة مراحل متتالية.

الأولى حين وصلت إليه الاتفاقية وقام بأقرارها والتوقيع عليها ، ومعه عدد من الوزراء ، وقد رفض وزراء آخرون في عهد حكومته السابقة التوقيع عليها ، وتهربوا من التوقيع ، واحد الرافضين عضو في مجلس الاعيان اليوم ، والاتفاقية كانت تعطي شخصاً عراقيا يعمل مع الثورة الفلسطينية ، ويدير أموالها حق اقامة الكازينو حصرياً ، ضمن مشروع كبير،،.

ضمن شروط الاتفاقية التي اقرت ، هناك شرط جزائي مرعب ، تمت الموافقة عليه ، تلتزم به الحكومة في حال قررت التراجع عن رخصة الكازينو ، بتعويض المستثمر.

العراقي الكردي يظنه كثيرون فلسطينياً ، لان له اسمين ، اصلي وحركي ، غير انه في كل الحالات على صلة ايضاً بكازينو اريحا المنهدم والمهدوم على يد الاسرائيليين.

المرحلة الثانية ، بعد اقرار الاتفاقية ، وفي الايام الاخيرة من حكومة البخيت الاولى ، جاء الرئيس الحالي ، ولاعتبارات مختلفة ، وقرر الغاء الاتفاقية ، وقام بتجميدها ، ولربما حدثت هذه الحادثة قبيل خروجه من الحكومة السابقة بيومين ، تحديداً ، واذ الغى رخصة الكازينو ، فهو عملياً ترك الحكومة اللاحقة لتواجه الشرط الجزائي الذي اقرته حكومته المقدر بمئات الملايين.

بعد ذلك جاءت حكومة نادر الذهبي ، وكان هناك حوار داخل مجلس الوزراء ، اذ قيلت اراء مغزاها ان الحكومة عليها ألا تلتزم بالشرط الجزائي ، وقيل رأي آخر ان عدم الالتزام بالشرط الجزائي سيؤدي الى محاكمة الاردن امام محاكم دولية وبريطانية ، وُسيلزم الاردن بالشرط الجزائي المرعب ، لان الاتفاقية ملزمة دولياً.

قيل رأي آخر ان على الاردن ان يلجأ الى القضاء المحلي لاستصدار قرار بأبطال كل الاتفاقية ، وقيلت اراء اخرى ، غير ان ماحدث في النهاية هو تسوية مع المستثمر منحته اراض في الاردن تقدر قيمتها بملايين الملايين ، وكان تبرير حكومة الذهبي ان الشرط الجزائي الوارد وفقا للقانون البريطاني لامفر منه ، وقد ورثته من الحكومة السابقة بعد ترخيص الكازينو ، ثم الغائه.

المرحلة الثالثة التي تعامل فيها البخيت مع ملف الكازينو ، كانت في عهد حكومته الحالية ، اذ اثير ملف الكازينو في وجهه منذ اللحظات الاولى لتكليفه ، وهو ملف محرج ، واذ يحال الملف الى مكافحة الفساد ، نعرف ان الاحالة تختلف عن الاحالة للقضاء ، والواضح ان الرئيس يقول ان "التحقيق" يجب ان يقرر اولا ، اذا ماكانت هناك شبهات فساد في هذا الملف.

المثير في القصة هو الجانب الشعبي المتحسس من ترخيص كازينو في الاردن ، وماهو سر وضع شرط جزائي في عهد حكومة البخيت السابقة ، فلا احد يفهم كيف قبلت الحكومة هذا الشرط الجزائي ، الذي تم توريثه لحكومة الذهبي لاحقاً؟.

هناك من يقول ان كل القصة خلفها اسرار لاتروى ، وان ضغطاً مورس من اجل مرور الاتفاقية ، فمن هو الذي مارس الضغط ، اذا صحت هذه المعلومة ، ثم ما سر التفاصيل المخفية في كل هذا الملف ، ولماذا قبلت حكومته الاولى توقيع اتفاقية وفقا للقانون البريطاني ، ولماذا قبلت شرطاً جزائياً مرعباً؟؟والاسئلة كثيرة ولايمكن الادعاء بمعرفة الجواب من احد.

هل استفاد احد حقا من الاتفاقية ، دون ان يعلم رئيس الحكومة ذلك ، ومن هو؟وهل ستؤدي التحقيقات الى كشف تفاصيل خطيرة؟

الاسئلة تتداعى ايضاً ، اذ كيف سيتم التحقيق في مكافحة الفساد في هذا الملف ، هل سيتم استدعاء وزراء سابقين واعيان ورؤساء حكومات ، وهل سيدلي البخيت بمعلومات او بشهادة معينة ، وهي اسئلة فنية تتعلق بتفاصيل الملف من اوله الى اخره.

اذا كانت الاحالة لمكافحة الفساد لهدف سياسي واحد محدد هو القول للناس ان لا فساد خلف الملف ، وهو هدف سياسي ، فسيكون الامر مفهوماً ومقدراً ، لتبرئة البخيت ، تحديداً ، من ظلم السياسيين وغمزاتهم ، ولربما يسعى البخيت الى كشف المستور الذي لايمسه في القصة.

القصة شعبياً لاتتعلق بأي اتهام بهذا المعنى بقدر رغبة الناس بأن يعرفوا كيف نضع على انفسنا شرطاً جزائياً مرعباً يؤدي لاحقاً الى اجراء تسوية مع المستثمر؟وكيف نقبل بترخيص كازينو اصلا ، قبل رغبتهم بمعرفة اذا ماكان هناك من استفاد على ظهر الاتفاقية؟.


المراجع

جريدة الدستور

التصانيف

صحافة   ماهر أبو طير   جريدة الدستور