يخرج العقيد معمر القذافي ليقول لنا ان حرباً صليبية تشن ضد ليبيا ، وانه قرر تسليح الشعب لمواجهة الحرب المقدسة.
تسخير الدين وتوظيفه عند معظم الزعماء العرب ، خدعة مملة ومكشوفة ، فمن الرئيس المؤمن ، الى امير المؤمنين ، وصولا الى قطب المشايخ ، ألقاب الدينية يتم توزيعها على زعماء لا يعرفون اين القبلة ، ولا المتوضأ ، الا في مسرحيات صلاتهم في ايام الجمع؟،.
القذافي ذاته ، هدد قبل ايام من سماهم بأصحاب اللحى ، في بنغازي ، كأي حلاق عاطل عن العمل ، وفي خطابه كرر اكثر من مرة مصطلح "اصحاب اللحى" وتوعدهم بالشرور وبقص لحاهم بيديه الطاهرتين الشريفتين.
ثم يعود لينقلب على نفسه ، وهو الذي وضع عشرات المليارات في بنوك اوروبية وامريكية ، باعتبارها مصارف غير صليبية ، وحين اضطر مذموماً مدحوراً استدعى التاريخ ، متحدثا عن حرب صليبية جديدة،،.
هذه مهازل. ليبيا فيها مليون حافظ للقرآن الكريم ، وتشهد تديناً مرتفعاً ، وحاول القذافي ذاته قبل ايام ، ان يستنجد بذات الصليبيين الذين يشتمهم اليوم على حد تعبيره ، فخوَّف الغرب من القاعدة وافغانستان ، ولوّح لهم بفزاعة التطرف والارهاب ، مذكراً بخدماته الجليلة.
ذات القذافي الذي طرد الفلسطينيين ذات يوم الى حدوده ، يتباكى على طائرات "الهليوكبتر" التي سيطرت عليها المعارضة الليبية ، فيقول ان هذه الطائرات هي لتحرير فلسطين ، ونجله قبل ايام كان قد حذر الليبيين من مؤامرات الفلسطينيين في ليبيا،.
مسكينة هي فلسطين يتاجرون بها ، في كل موسم ، ويدعون حب فلسطين لكنهم يحقدون على اهلها ، ويستخدمونهم كما في كل موقع عربي كفزاعة لاخافة الشعوب العربية ، ولتلبيسهم اي جريمة او تفجير او اخلال بالامن او تجاوز او تخريب،.
عن اي حرب صليبية يتحدث القذافي ، وهو الذي عقد الصفقات مع الغرب ، وطرد فصائل المقاومة عنده ، وسلم ملفاتهم الامنية للغرب الصليبي على حد تعبيره؟.
عن اي حرب صليبية يتحدث وهو الذي يبيع النفط بأسعار زهيدة للصليبيين ايضاً وفقا لمنطوقه ، وهو الذي قام يتقبيل اقدامهم لرفع الحظر عنه قبل سنوات ، بعد ان قتل ابرياء الطائرات؟،.
كل شيء عند زعماء العرب مُسخَّر لاهدافهم. الاسلام والنبوة والرسول. لديهم استعداد مرضي لتسخير اي شيء من اجل الحكم ، لكنهم عند احكام الله يتوقفون ، ولا يؤدونها ، وعند حقوق شعوبهم ، يصيبهم العمى والطرش.
غداً قد يخرج علينا ، ايضاً ، الرئيس اليمني ليقول لنا انه شاهد الرسول في منامه محذراً من الحراك الجنوبي او الحوثيين ، وقد يقول ان حرباً صليبية اخرى تشن عليه ، وهو كذات حالة رفيقه ، تبدت سحنته الاساس ، وبات عارياً امام شعبه والعالم.
هدموا المساجد ، وحاربوا التدين ، وكانوا مجرد نعال في قدم الغرب ، ولبوا طلباته ، لكنهم فجأة يهربون الى مسرب الدين لحماية عروشهم المهتزة ، فلا يتذكرون ربهم الا ساعة يخلعهم ربهم عن كراسيهم.
لا احد مع التدخل الاجنبي. غير ان السؤال: اما حرباً صليبية واما يستمر القذافي في قتل الناس ، وكأنهم قطيع غنم؟. ما هذه الاقدار ، فنعيش تحت وطأة حكام ظلمة يسرقون شعوبهم ، والا فحروب مفتوحة ، ومجازر دموية؟،.
هذا هو "الاسلام" يتم استخدامه لاثارة مشاعر الناس ، من جانب من ينتهكون ذات الاسلام واهله. ألم يقل الاسلام للقذافي ان السرقة حرام والقتل حرام ، ونهب المليارات حرام؟ ام ان اسلامه غير اسلامنا،،.
قبل ان يلجأ العقيد الى اسلوب رخيص لاثارة الغرائز والمخاوف الدينية ، فليرفع سيفه عن عنق الشعب الليبي ، الذي هدد اصحاب اللحى فيه قبل ايام ، بمقصه الحاد ، لكنه عاد لينقلب طالباً عون اصحاب اللحى في وجه الصليبيين،.
ليس اسوأ من حاكم يتوضأ بدم شعبه ، ثم يأتي ليبيعنا المواعظ الدينية ، فيما الشيطان ينام تحت عمامته المدنسة.
المراجع
جريدة الدستور
التصانيف
صحافة ماهر أبو طير جريدة الدستور