سكت كثيرون لدينا،على ما يجري في سوريا،ولم نسمع بياناً يندد بقتل الناس، ولم نرَ تحشيداً أمام سفارة دمشق في عمان للتنديد بقمع الشعب السوري، مقارنة بسفارات اخرى.

قدرّنا كثيراً رؤية الآلاف من شعبنا أمام السفارة المصرية في عمان، بعد سقوط الرئيس المصري محمد حسني مبارك،وقد رأينا قبل ذلك مئات ذهبوا الى السفارة التونسية في عمان.

الشعب العربي واحد،والدم واحد، غير ان السياسة ليست واحدة. اذا كانت قوى سياسية محترمة كجماعة الاخوان المسلمين على صلة ايجابية بدمشق لاعتبارات كثيرة، فأن هذه الصلة يجب ألاّ تمنع التنديد بقتل الناس وجرحهم في سوريا.

مشكلة الذهنية العربية انها لا تقبل التنوع، فاما تريدك مع جماعة الاخوان المسلمين، في كل شيء، واما انت خصمها وعدوها، وهذا ليس منطقياً، لان محاسبة المواقف تتم على أساس كل موقف،دون ارضية مسبقة،بتأييدهم او معاداتهم،كحزمة متكاملة.

ليسمح لي الاخوة والاصدقاء الاعزاء في الحركة الإسلامية، بسؤال حول سر سكوتهم على ماجرى في سوريا،مقارنة بمواقفهم الاخرى ضد أنظمة سياسية ذبحت أناس وسجنتهم وجرحتهم. أليس الدم العربي والمسلم واحداً؟.

لا يفيد التذكير بموقف دمشق الرسمي قبل عقود تجاه الاخوان المسلمين في حماة والمدن السورية الاخرى،حتى لاتبدو القصة تحريضاً سمجاً، لكنها تثير السؤال من جهة اخرى،حول دم الناس،وحول آلاف الإسلاميين السوريين الممنوعين من دخول سوريا.

للاخوان المسلمين في الأردن مواقف عظيمة في قضايا كثيرة، غير انه لا يجوز «الجهر» في حالة بالغضب،والسكوت على حالة اخرى،لان الرأي العام يرقب «الحدة» في الكلام في حالات، و»التهدئة» في حالات اخرى.

دعم دمشق للمقاومة لا يعطيها الحق بالرد على الشعب السوري بالرصاص الحي،وبقتل المئات، واعتقال المئات، لاننا في هذه الحالة نقول للشعب السوري ان دمشق الرسمية تدعم المقاومة اللبنانية والفلسطينية،وبما انها كذلك سنسكت على ذبح السوريين.

هذا غير اخلاقي ابداً.لان الشعب السوري يراقب مواقف الجميع،وإذ كنا لا نحرض على الفوضى في سوريا العزيزة ولا على اسقاط النظام،ونؤيد الانفتاح والاصلاحات،ونتفهم موقع سوريا الحرج،الا ان كل هذا لايعفينا من موقف اخلاقي لصالح أهلنا في سوريا.

القوى السياسية النشطة لدنيا من جماعة الاخوان المسلمين وبقية الحراكات اليسارية،اغلبها سكت أمام محنة الشعب السوري،وهذا يثبت ان المواقف السياسية قابلة للتبدل وفقاً للمصالح والعلاقات والحسابات.

لانريدهم ان يهتفوا بسقوط النظام السوري، لكننا كنا نتمنى لو سمعنا صوتاً عالياً يتجرأ ويدافع عن حرمة الدم السوري، كذات الاستفزاز أمام دم المصريين والليبيين والتوانسة واليمنيين.

رحم الله الآلاف من شهداء سوريا،من حماة،الى درعا،ومابينهما،وهدى الله الصامتين.


المراجع

جريدة الدستور

التصانيف

صحافة   ماهر أبو طير   جريدة الدستور