معروف البخيت،رئيس الحكومة،بلا حظ في اغلب الحالات،والمؤكد ان الرجل لايمد يده الى مال الدولة،ولم يفعل ذلك في حياته،الا انه يتورط في قصص،تثير ردود الفعل،فيجد نفسه كل مرة وسط مأزق جديد،من صنع طرف ما.

مناسبة هذا الكلام،يتعلق بالملفات التي تورطت بها حكومته،مثل ملف الكازينو وخروج السيد شاهين وغير ذلك،وقد يقال ان هناك خطايا كبرى تم ارتكابها،ويمكن وصف رئيس الحكومة بكل ماتريده المعارضة،بأستثناء مد يده الى مال الدولة،والسمسرة.

بيد ان صفاته الشخصية غير كافية،حتى لو قال رئيس الحكومة ذات مرة ان مشطه الذي يستخدمه،عمره ثلاثون عاماً،ولم يغيره،وان ساعته الرادو،عمرها ثلاثون عاماً ولم يغيرها،وهذه سمات شخصية،قد لاتعكس بالضرورة القاً على موقع رئيس الحكومة.

البخيت بلا حظ،وقد حمل كلفة ماجرى في الانتخابات النيابية والبلدية ذات عام،وحمل كلفة خروج شاهين،وحمل كلفة ملف الكازينو،حتى لو قام النواب بتبرئته،فالمهم هو رأي الشارع،خصوصاً،ان الثقة الشعبية في النواب منعدمة.

حين تم تكليف البخيت بحكومته الثانية قوبل بردود فعل واسعة،اذ جاء محّملا بثلاثة ملفات،هي الانتخابات النيابية والبلدية وملف الكازينو،ثم جاء ملف شاهين،وهكذا دخل الدوار الرابع متعباً مثقلا.

الموقف الشعبي من الحكومة كان سلبياً للغاية،ولربما شهدت الحكومة قصفاً في المحافظات والاطراف،يفوق ماتعرضت له اية حكومة سابقة،وكل الشعارات تريد ترحيل الحكومة،وتم ربطها بكل الملفات السابقة.

لم تشفع سمات الرئيس الايجابية الشخصية له،ليس لوجود مطعن في شخصه الكريم،وانما لكون موقع رئيس الحكومة اليوم،لايحاكم على اساس السمات الشخصية فقط،وهي سمات يعرفها الذين اقتربوا منه.

يأتي السؤال:لماذا لم ترحل حكومة البخيت وماهو السر في التمديد للرئيس،ومنحه فرصة التعديل الوزاري،في توقيت يفيض بكل انواع الهموم والمشاكل والفوضى الخلاقة وغير الخلاقة؟.

الاجابة ليست صعبة،وصاحب القرار بات يدرك ان ترحيل الحكومة سيؤدي الى تشكيل حكومة جديدة،والمطالبة برحيلها بعد ثلاثة شهور،ولان الوضع هكذا،فمن الافضل عدم ترحيلها تحت وطأة الشعارات ومنحها فرصة لجدولة وجودها.

سبب آخر يتعلق بفنية البراءة التي حصل عليها الرئيس من النواب،وبلغة الارقام،فالرئيس بريء،هذا على الرغم من وجود رأي اخر يقول ان البخيت كان عليه ان يستقيل ادبياً لان نصف النواب صوتوا ضده،ولان الشارع لايعترف ببراءة مصدرها النواب.

سبب اضافي يستمد عنوانه من معلومات تقول ان اطرافا كثيرة تهّيج الشارع الاردني خدمة لمراكز سياسية،ولقوى معينة،ومعاندة الشارع في مطالبته برحيل الحكومة،يعني فعلياً معاندة القوى التي تحرك الشارع،وليس ذات الشارع.

مع هذا يأتي السبب الرابع،الذي يتعلق برغبة عمان الرسمية ان تقول للخارج ان البلد مستقرة،وانها ليست على الحافة،وتتأرجح كل يوم،عبر تغيير الحكومات،اذ اريد عبر التمديد للبخيت اظهار مسحة من الاستقرار الداخلي تجاه خيارات الدولة.

هذه المسحة من الاستقرار والثبات يراد منها عزل الاردن،عن التقييمات الدولية للحراكات الاقليمية،وتقديم الاردن بصورة الذي يدير اموره جيداً،ولم تفلت ساحته الداخلية.

خامس الاسباب،هو معرفة الدولة ان البخيت شخصياً،غير متورط لا برشاوي ولابعمولات ولا بفساد،من جراء ملفات مثل الكازينو والقضايا الاخرى،وهو ان اخطأ سياسياً،الا انه لم يضع شيئا في جيبه،فلماذا تتم التضحية به؟.

سابعهم يتعلق بالمعارضة،وصوتها الذي يراد له ان يضعف،عبر افشال كل حراكات المعارضة،والقول لها،ان صوتها مهما ارتفع،فهي لن تصبح صاحبة القرار في بقاء الحكومة او رحيلها.

سابع الاسباب،يقول ان لا استعداد حاليا لدى الدولة لحكومة جديدة،وان لا اسماء مرشحة،في البال،حتى الان،وان الدولة تعرف ان مشاكل البلد باتت اكبر من اي رئيس حكومة،ولو تم تغيير البخيت،لواجه من بعده ذات الظروف الصعبة.

لكل ماسبق بقي البخيت في موقعه وتم منحه فرصة التعديل الوزاري،وهي فرصة ذات كلفة مرتفعة جداً،وستظهر اثارها قريباً بما يثبت ان مسوغات التعديل كان قفزة في الهواء،غير محسوبة النتائج،وبهذا يكون التمديد للبخيت مكلفاً جداً.

فاتورة التمديد للبخيت ثقيلة،وسمات الرئيس الشخصية،تنفعه كأنسان،ولاتصب في موقعه كرئيس للحكومة.


المراجع

جريدة الدستور

التصانيف

صحافة   ماهر أبو طير   جريدة الدستور